Quantcast
Super Channel: جديد منتدى الحاسب والجوال العربي
Browsing latest articles
View live

[قصة قصيرة] الالم لانطوان تشيخوف

$
0
0
عُرف غريغوري بتروف ولسنوات طويلة ببراعته الفائقة في حرفة الخراطة، لكنه في نفس الوقت كان الأكثر حمقا وسذاجة في إقليم (غالتشينيسكوي)، فلكي ينقل زوجته المريضة إلى المستشفى، كان عليه أن يقود الزلاجة لمسافة عشرين ميل في جو شتائي عاصف، عبر طريق شديدة الوعورة. ولم تكن تلك بالمهمة اليسيرة حتى بالنسبة لسائق البريد الحكومي. كانت الرياح القارصة تضرب في وجهه مباشرة، وسحب الثلج تلتف في دوامات حوله في كل اتجاه، حتى أن المرء لا يدري إن كان هذا الثلج يتساقط من السماء أم يتصاعد من الأرض، بينما الرؤية معدومة تماما ...

[قصة قصيرة] الالم لانطوان تشيخوف

$
0
0
عُرف غريغوري بتروف ولسنوات طويلة ببراعته الفائقة في حرفة الخراطة، لكنه في نفس الوقت كان الأكثر حمقا وسذاجة في إقليم (غالتشينيسكوي)، فلكي ينقل زوجته المريضة إلى المستشفى، كان عليه أن يقود الزلاجة لمسافة عشرين ميل في جو شتائي عاصف، عبر طريق شديدة الوعورة. ولم تكن تلك بالمهمة اليسيرة حتى بالنسبة لسائق البريد الحكومي. كانت الرياح القارصة تضرب في وجهه مباشرة، وسحب الثلج تلتف في دوامات حوله في كل اتجاه، حتى أن المرء لا يدري إن كان هذا الثلج يتساقط من السماء أم يتصاعد من الأرض، بينما الرؤية معدومة تماما لكثافة الضباب الثلجي، فلم يكن يرى شيئا من الحقول والغابات وأعمدة التلغراف. وعندما كانت تضربه ريح قوية مفاجئة، كان يصاب بالعمى التام، فلا يعود يبصر حتى لجام الحصان، ذلك الحيوان البائس الذي كان يزحف ببطء وهو يجر قدميه في الثلج بوهن شديد. وكان الخراط قلقا متوترا ومتعجلا لا يكاد يستقر في مقعده وهو يسوط ظهر الحصان.

كان غريغوري يغمغم طول الوقت متحدثا إلى زوجته.

– لا تبكي يا ماتريونا. قليل من الصبر يا عزيزتي. سنصل المستشفى وعندها كل شيء سوف يكون على ما يرام… سيعطيك بافل ايفانيتش بضع قطرات، أو سأطلب منه أن يعمل لك الحجامة، أو ربما يتكرم ويرضى أن يدلك جسدك بالكحول. سيبذل كل ما في وسعه دون شك. نعم سيصرخ وينفعل لكنه في النهاية يبذل جهده. إنه رجل مهذب ولطيف. فليعطه الله الصحة. حالما نصل هناك ويرانا سيندفع من غرفته كالسهم ويبدأ بإطلاق السباب والشتائم. وسوف يصرخ: كيف؟ لماذا هكذا؟ لماذا لم تأتوا في الوقت المناسب؟ أنا لست كلبا كي أبقى عالقا هنا في انتظار حضراتكم طوال اليوم. لماذا لم تأتوا في الصباح؟ هيا اخرجوا، لا لن أستقبلكم. تعالوا غدا. فأرد عليه قائلا: يا حضرة الطبيب المبجل بافل إيفانيتش، نعم يمكنك أن تسب وتلعن وتشتم…، وليأخذك الطاعون…أيها الشيطان….

ساط الخراط ظهر الحصان، ومن دون أن ينظر إلى المرأة العجوز الراقدة في العربة خلفه واصل حديثه مع نفسه:

– يا حضرة الطبيب المبجل، أقسم بالله، ولن أقول إلا الصدق، وها هو الصليب أرسمه على صدري أمامك بأنني انطلقت قبل طلوع الفجر، ولكن كيف يمكنني أن أكون عندك في الوقت المناسب وقد أرسل الرب هذه العاصفة الثلجية؟ تلطف وانظر بنفسك..إن أفضل الجياد لن تتمكن من السير في هكذا جو، وحصاني هذا الكائن البائس التعيس كما ترى بنفسك ليس حصانا على الإطلاق. عندها سيقطب بافل ايفانيتش حاجبيه ويصرخ: نحن نعرفكم، أنتم دائما بارعون في اختلاق الأعذار، وعلى الأخص أنت يا غريشكا. فأنا أعرفك حق المعرفة، وأقسم بأنك توقفت في نصف دزينة من الحانات قبل أن تأتي عندي. لكني سأقول له: أيها المحترم، هل أنا كافر أم مجرم حتى أتنقل بين الحانات بينما زوجتي المسكينة تلفظ أنفاسها الأخيرة؟ لعنة الله على الحانات وأصحابها وليأخذهم الطاعون جميعا. سيأمر بافل ايفانيتش عندها بنقلك إلى داخل المستشفى، فاركع عند قدميه. بافل ايفانيتش، أيها المحترم، نشكرك من صميم قلوبنا، وأرجو أن تسامحنا على حماقاتنا وسلوكنا الأرعن، وألا تكون قاسيا معنا نحن الفلاحون. نعم نحن نستحق منك لا الشتيمة فحسب بل حتى الرفس، وقد كنا سببا في خروجك وتلويث قدميك في الثلج. سينظر بافل ايفانيتش نحوي كأنه يريد أن يضربني وسيقول: ألا يجدر بك أيها الأحمق أن تشفق على هذه المسكينة وترعاها بدلا من أن تسكر وتأتي لتركع عند قدمي؟ والله أنت تستحق الجلد. نعم، نعم..أنت على حق في ذلك. أنا أستحق الجلد يا بافل ايفانيتش، فلتصب السماء لعناتها على رأسي، ثم ما الضير لو ركعت عند قدميك، فأنت أبونا وولي نعمتنا، ويحق لك يا سيدي أن تبصق في وجهي لو بدر مني ما يضايقك، وأقسم بالله على ذلك. سافعل كل ما تريده وتأمرني به..إذا استرجعت زوجتي العزيزة ماتريونا صحتها. وإذا أردتَ أصنع لك علبة سجاير فاخرة من أفضل أنواع الخشب، كراتا للعبة الكروكيت، أو أروع قناني خشبية للعبة البولنج..ولن آخذ منك قرشا واحدا. في موسكو تكلف علبة السجاير أربع روبلات، لكني سأصنعها لك دون مقابل. عندها سيضحك الطبيب ويقول: حسنا، حسنا…يبدو أنك سكران حتى الثمالة. كما ترين يا عزيزتي فأنا أعرف كيف أتعامل مع أبناء الطبقة العليا. ليس هنالك من سيد يستعصي علي. فقط أدعو من الله ألا أفقد الطريق. أنظري كم عنيفة هي الريح. لا أكاد أفتح عيني من شدة اندفاع الثلج.

ولم يتوقف الخراط عن حديثه المتواصل مع نفسه، في محاولة منه على ما يبدو للتخفيف من ضغط المشاعر الحادة عليه. كانت الكلمات كثيرة على لسانه، وكذلك الأفكار والأسئلة في رأسه. جاءه الحزن مفاجئا، دون توقع أو انتظار، وعليه الآن أن يتخلص منه. لقد عاش حياته في سكينة وسلام دون أن يعرف للحزن أو للبهجة معنى، وفجأة، دون سابق إنذار، جاءه الألم ليعشش بين تلافيف قلبه، فوجد السكير المتسكع نفسه في موقع المسئول، مثقلا بالهموم، ويصارع الطبيعة.

وراح غريغوري يتذكر كيف ابتدأت المشكلة ليلة أمس عندما عاد إلى البيت سكرانا بعض الشيء، وكالعادة انطلق يشتم ويهدد بقبضتيه، فنظرت إليه زوجته كما لم تنظر إليه من قبل. عادة ما تشف نظرات عينيها عن الذل والاستكانة الشبيهة بنظرات كلب أشبع ضربا. لكنها هذه المرة نظرت إليه بتجهم وثبات، كما ينظر القديسون في الصور المقدسة أو كما ينظر الموتى. من نظرة الشر الغريبة تلك بدأت المشكلة. وفي حالة من الذهول والاستغراب استعار حصانا من أحد الجيران كي ينقل زوجته العجوز إلى المستشفى لعله باستخدام المساحيق والمراهم، يستطيع بافل ايفانيتش أن يعيد التعبير الطبيعي لنظرة عينيها.

ويستمر الخراط في حديثه مع نفسه فيقول:

– حسنا، اسمعيني يا ماتريونا، لو سألك بافل ايفانيتش فيما إذا كنت قد ضربتك، يجب أن تنفي ذلك وسوف لن أضربك بعد اليوم، أقسم على ذلك. وهل ضربتك يوما لأني أكرهك؟ لا، إطلاقا. إنما دوما أضربك وأنا فاقد لوعيي. أنني حقا أشعر بالأسف من أجلك. لا أظن أن الآخرين سيبالون مثلي، فها أنت ترين، إنني أفعل المستحيل في هذا الجو الثلجي العاصف كي أصل بك إلى المستشفى. فلتتحقق مشيئتك أيها الرب، وإن شاء الله لن نخرج عن الطريق. هل يؤلمك جنبك عزيزتي؟ ألهذا أنت لا تتكلمين؟ إني أسألك، هل يؤلمك جنبك؟

لاحظ خلال نظرة خاطفة إلى العجوز بأن الثلج المتجمع على وجهها لا يذوب. والغريب أن الوجه نفسه بدا مسحوبا، شديد الشحوب، شمعيا، جهما ورصينا. صرخ قائلا:

– أنت حمقاء، حمقاء..، أقول لك ما في ضميري أمام الله، لكنك مع ذلك تصرين على….حسنا، أنت حمقاء، وأنا قد أركب رأسي..ولا آخذك إلى بافل ايفانيتش.

أرخى اللجام بين يديه وبدأ يفكر. لم يكن في مقدوره أن يستدير تماما لينظر إلى زوجته. كان خائفا. وكان يخشى أيضا أن يكرر أسئلته عليها دون أن يحصل على جواب. أخيرا، وليحسم الأمر، ومن دون أن يلتفت إليها رفع يده وتحسسها. كانت باردة، وعندما تركها سقطت كأنها قطعة خشب. ندت منه صرخة.

– إذن فهي ميتة، يا للمصيبة.

لم يكن آسفا قدر انزعاجه. وفكر كيف أن الأشياء تمر سريعة في هذا العالم. لم تكن المشكلة قد ابتدأت وإذا بها تنتهي بكارثة. لم يسنح له الوقت كي يعيش معها ويكشف لها عن أسفه قبل موتها. عاش معها أربعين عاما لكنها مرت في ضباب وعتمة مطبقة. لم يكن هنالك من مجال للأحاسيس الجميلة وسط السكر والعربدة والشجار المتواصل والفقر المدقع. ولكي تغيظه فقد ماتت في اللحظة التي بدأ يشعر فيها بالأسف عليها، وبأنه لا يستطيع العيش من دونها وأنه كان قاسيا معها وقد أساء لها كثيرا.

قال لنفسه متذكرا:

– كنت أبعثها كي تدور في القرية تستجدي الخبز. كان يمكن أن يطول العمر بها لعشر سنوات أخرى. المصيبة أنها ماتت وهي تعتقد بأني ذلك الإنسان…… يا أمنا المقدسة. ولكن بحق الشيطان أين أنا ذاهب الآن؟ ما عاد بي حاجة إلى الطبيب، ما أحتاجه الآن قبرا كي أدفنها.

استدار بالزلاجة وهو يلهب ظهر الحصان بسوطه، وقد ازداد الجو سوءا حتى انعدمت الرؤية تماما. ومن حين لآخر كانت تضرب وجهه ويديه أغصان الأشجار وتخطف من أمام عينيه أجسام سوداء.

– لو أعيش معها مرة أخرى.

وتذكر بأن ماتريونا قبل أربعين عاما كانت مليحة الوجه مرحة الروح، وهي من عائلة ميسورة الحال، وقد رضي أهلها أن يزوجوها له بعدما شاهدوا وعرفوا مدى براعته في مهنة الخراطة. كانت كل الأسباب لحياة سعيدة متوفرة لهما، لكن المشكلة أنه في ليلة عرسه شرب حتى الثمالة ومن يومها وهو سكران طول الوقت ولم يستيقظ أبدا. نعم فهو يتذكر عرسه، ولكنه لا يتذكر شيئا مما حدث بعد ذلك وطوال حياته، باستثناء أنه كان يسكر ويضطجع عند الموقد ويتشاجر. هكذا ضاعت منه أربعون سنة.

بدأت الغيوم الثلجية البيضاء تتحول تدريجيا إلى اللون الرمادي مما ينبئ عن قرب الغسق. عاد يسأل نفسه:

– إلى أين أنا ذاهب؟ مطلوب مني أن أفكر بدفن الجثة… بينما أنا الآن في طريقي إلى المستشفى..كأنني فقدت عقلي..

واستدار بزلاجته ثانية. كان الحصان يشخر وراح يتعثر في خببه، فعاد الخراط يجلده من جديد. وكان يسمع صوت ارتطام خلفه، ومن دون أن يلتفت كان يعرف بأنه صادر عن رأس العجوز وهو يضرب بحافة المقعد.

ازداد الثلج عتمة، واشتدت برودة الريح.

– لو أعيش معها مرة أخرى، سأشتري مخرطة جديدة، وأشتغل…وأجلب لها الكثير من النقود.

أفلتت يداه العنان. بحث عنه. حاول أن يلتقطه، فلم يستطع. قال لنفسه:

– لا يهم. يستطيع الحصان أن يتولى الأمر بنفسه، فهو يعرف الطريق. يمكنني أثناء ذلك أن أنام قليلا قبل أن أتهيأ للجنازة وصلاة الميت…

أغلق الخراط عينيه وغاص في إغفاءة. بعدها بفترة قصيرة شعر بأن الحصان قد توقف عن السير. فتح عينيه فرأى أمامه شيئا معتما يشبه كوخا أو كومة من القش. أراد أن ينهض ليكتشف ذلك الشيء، لكنه أحس بأنه عاجز تماما عن الحركة، ووجد نفسه دون ضجة أو مقاومة يستسلم لنوم هادئ عميق.

عندما استيقظ، وجد نفسه في غرفة فسيحة، مطلية الجدران، وضوء الشمس يتوهج عند الشبابيك. ورأى ناسا حوله، فكان شعوره الأول أن يعطي الانطباع بأنه سيد محترم ويعرف كيف يلتزم بالسلوك السليم الذي يفرضه الموقف. قال مخاطبا إياهم:

– الصلاة على روح زوجتي أيها الأخوة. لابد من إعلام القس بذلك…

قاطعه أحدهم بصوت حازم:

– حسنا، حسنا، ولكن لا تتحرك.

صرخ الخراط مندهشا وهو يرى الطبيب أمامه:

– بافل إيفانيتش! ولي نعمتنا المبجل.

أراد أن يقفز ليركع على ركبتيه أمام الطبيب، لكنه شعر بأن ساقيه وذراعيه لا تستجيب له. صاح مرعوبا:

– أين ساقيَّ ؟ وأين ذراعيَّ يا سيدي ؟

– قل لهما وداعا. كانت متجمدة تماما فاضطررنا إلى بترها. هيا…هيا…علام تبكي ؟ لقد عشت حياتك، واشكر ربك على ذلك. أنت الآن في الستين على ما أعتقد، وأظن أن هذا يكفي بالنسبة لك.

– أنا حزين، حزين جدا…وأرجو أن تسامحني يا سيدي. كم أتمنى لو أعيش خمس أو ست سنوات أخرى.

– لماذا؟

– الحصان ليس لي، ويجب أن أعيده لأصحابه..ويجب أن أدفن زوجتي…أوه يا إلهي..كم تنتهي الأشياء بسرعة مذهلة في هذا العالم. سيدي..بافل ايفانيتش، سأصنع لك علبة سجاير من أجود أنواع الخشب، وكذلك كرات للكروكيت…

غادر الطبيب الجناح وهو يلوح بيده. كان كل شيء قد انتهى بالنسبة للخراط.

[قصة قصيرة] البدين والنحيف لانطوان تشيخوف

$
0
0
في محطة سكة حديد نيقولاي التقى صاحبان أحدهما بدين والآخر نحيف، كان البدين قد تغذى لتوه في المحطة ولمعت شفتاه من الدهن كما تلمع ثمار الكرز الناضجة، وفاحت منه رائحة النبيذ والحلويات المعطرة . أما النحيل فكان خارجا لتوه من عربة القطار محملا بالحقائب والصرر وعلب الكرتون . وفاحت منه رائحة لحم الخنزير والقهوة الرخيصة .. ولاحت من وراء ظهره امرأة نحيفة طويلة الذقن .. زوجته، وتلميذ طويل بعين مزورة .. ابنه . وهتف البدين عندما رأى النحيف : – بورفيري ! أهو أنت ؟ يا عزيز ! كم مر من أعوام لم أرك! ودهش ...

[قصة قصيرة] البدين والنحيف لانطوان تشيخوف

$
0
0

في محطة سكة حديد نيقولاي التقى صاحبان أحدهما بدين والآخر نحيف، كان البدين قد تغذى لتوه في المحطة ولمعت شفتاه من الدهن كما تلمع ثمار الكرز الناضجة، وفاحت منه رائحة النبيذ والحلويات المعطرة .
أما النحيل فكان خارجا لتوه من عربة القطار محملا بالحقائب والصرر وعلب الكرتون . وفاحت منه رائحة لحم الخنزير والقهوة الرخيصة .. ولاحت من وراء ظهره امرأة نحيفة طويلة الذقن .. زوجته، وتلميذ طويل بعين مزورة .. ابنه .
وهتف البدين عندما رأى النحيف :
– بورفيري ! أهو أنت ؟ يا عزيز ! كم مر من أعوام لم أرك!
ودهش النحيف :
– يا سلام ! ميشا ! يا صديق الطفولة ! من أين جئت ؟
وتبادل الصاحبان القبلات ثلاثا، وحدق كل منهما في الآخر بعينين مغروقتين بالدموع . وكانا كلاهما في حالة من الذهول اللذيذ .
وقال النحيف بعد القبلات :
يا عزيزي ! لم أتوقع أبدا ! يالها من مفاجأة ! هلا نظرت إلي جيدا ! جميل كما كنت ! حبوب وغندور كما كنت ! آه يا إلهي ! كيف أحوالك ؟ أصبحت غنيا ؟ تزوجت ؟ أنا تزوجت كما ترى .. وهذه زوجتي، لويزا .. من عائلة فانسنباخ .. بروتستانتية .. أما هذا فابني، نفانائيل، تلميذ بالصف الثالث. يا نفانيا، هذا صديق طفولتي ! درسنا معا في المدرسة . فكر نفانائيل قليلا ثم نزع قبعته .
ومضي النحيف يقول :
– درسنا معا في المدرسة ! أتذكر كيف كانوا يغيظونك بلقب هيروستراتوس لأنك أحرقت بالسيجارة كتاب عهدة، وكانوا يغيظونني بلقب أفيالتوس لأنني كنت أحب النميمة؟ . ها ها .. كم كنا صغارا ! لا تخف يا نفانيا .. اقترب منه .. وهذه زوجتي، من عائلة فانسنباخ .. بروتستانتية.
وفكر نفانائيل قليلا، ثم اختبأ خلف ظهر أبيه .
وسأل البدين وهو ينظر بإعجاب إلى صديقه :
– كيف حالك يا صديقي ؟ أين تخدم ؟ وماذا بلغت في الخدمة ؟
فضحك النحيف ضحكة صفراء، وازداد انكماشا :
– العفو .. ماذا تقولون .. إن اهتمام سعادتكم الكريم .. هو كالبلسم الشافي .. هذا هو ابني نفانائيل يا صاحب السعادة .. وزوجتي لويزا بروتستانتية إلى درجة ما ..
– وأراد البدين أن يعارض بشيء ما، ولكن وجه النحيف كان يطفح بالتبجيل والتعبير المعسول والخنوع إلى درجة أثارت الغثيان في نفس المستشار السري، فأشاح بوجهه عن النحيف ومد له يده مودعا. وصافح النحيف ثلاث أصابع وانحني بجسده كله وضحك كالصيني : ” هئ – هئ – هئ ” . وابتسمت الزوجة ومسح نفانائيل الأرض بقدمه وسقطت منه القبعة .وكانوا ثلاثتهم في حالة من الذهول اللذيذ .

[قصة قصيرة] الحارس الليلي لانطوان تشيخوف

$
0
0
– مَن هناك؟ لم يأته رد. ولم يكن بمقدور الحارس ان يرى شيئا. رغم زئير الريح المتواصل وارتطامها بالشجر، كان يسمع وقع اقدام تتقدمه على امتداد الطريق. ليلة من ليالي آذار (مارس). السماء ملبدة بالغيوم، والضباب الكثيف يغلف كل شيء، وخيل للحارس بأن الأرض والسماء وهو نفسه مع أفكاره قد توحدوا جميعا في هيئة واحدة هائلة منيعة تتسربل بالسواد. كان يتلمس طريقه في تلك العتمة الكثيفة. عاد الحارس يصيح مناديا: – من هناك؟ وبدأ يتخيل بانه يسمع همسا وضحكة مكتومة. ...

[قصة قصيرة] الحارس الليلي لانطوان تشيخوف

$
0
0


– مَن هناك؟



لم يأته رد. ولم يكن بمقدور الحارس ان يرى شيئا. رغم زئير الريح المتواصل وارتطامها بالشجر، كان يسمع وقع اقدام تتقدمه على امتداد الطريق. ليلة من ليالي آذار (مارس). السماء ملبدة بالغيوم، والضباب الكثيف يغلف كل شيء، وخيل للحارس بأن الأرض والسماء وهو نفسه مع أفكاره قد توحدوا جميعا في هيئة واحدة هائلة منيعة تتسربل بالسواد. كان يتلمس طريقه في تلك العتمة الكثيفة.



عاد الحارس يصيح مناديا:



– من هناك؟



وبدأ يتخيل بانه يسمع همسا وضحكة مكتومة.



– من هناك؟



– أنا…ايها الصديق.



جاءه صوت رجل عجوز.



– ولكن من تكون؟



– أنا….مسافر.



عندها صرخ الحارس بغضب، وهو يحاول أن يخفي رعبه بالصراخ.



– أي نوع من المسافرين أنت؟ ماذا تفعل بحق الشيطان في مثل هذه الساعة داخل المقبرة؟



– ماذا ؟! أتقول أنها مقبرة ؟!



– وماذا تكون؟ بالطبع أنها مقبرة. الا ترى ذلك؟



جاءه صوت الرجل العجوز متنهدا:



– يارب السموات! لكني لا أرى شيئا. لا استطيع حتى أن أرى يدي أمام وجهي.



– ولكن من تكون؟



– أنا حاج…يا صديقي



عندها انطلق الحارس يغمغم لنفسه بتذمر:



– الشياطين وطيور الليل…نوع جيد من الحجاج…وكذلك السكارى. يسكرون طوال النهار ويخرجون في الليل ليجوبوا الطرقات



ثم أضاف بعد لحظة صمت.



– يخيل لي اني سمعت أكثر من صوت، كأنكم إثنان أو ثلاثة.



– إنني لوحدي يا صديقي، لوحدي. آآآآآآ….كم نرتكب من ذنوب…..



وتعثر الحارس بالرجل فتوقف.



– كيف جئت إلى هذا المكان؟



– فقدت طريقي ايها الرجل الطيب. فأنا متجه إلى (متريفسكي ميل) ولكن يبدو أنني قد ضعت.



– نعم، هذا صحيح، فالطريق إلى (متريفسكي ميل) ليست من هنا. كان عليك أن تتجه إلى اليسار. تخرج من المدينة مباشرة لتسلك الطريق الخارجي. واضح انك توقفت في المدينة لتشرب بضعة كؤوس، ولهذا انت الآن تائه.



– نعم يا صديقي فعلت ذلك. لن أخفي ذنوبي، ولكن ماذا افعل الآن؟



– تستمر حتى نهاية الطريق، ثم تنعطف معه إلى اليمين وتسير حتى تصل البوابة وهي نهاية المقبرة، تفتحها وتخرج مصحوبا بالسلامة. وحاذر أن تسقط في الغدير. بعد المقبرة تسير بمحاذاة الحقول حتى تصل الطريق الرئيسي.



– أعطاك الرب الصحة والعافية يا صديقي، وحمتك السموات. كن رحيما معي أيها الرجل الطيب وسر معي حتى البوابة.



– لا ليس عندي الوقت لذلك، عليك أن تذهب لحالك.



– كن رحيما، وسوف أصلي من أجلك. فأنا لاأستطيع أن أرى شيئا. المرء لايستطيع أن يرى كفيه أمام وجهه بسبب الظلمة. دلني على الطريق يا سيدي.



– كما لو أنني لدي الوقت الكافي كي أكون دليلا لك. هذا غير ممكن يا سيد.



– بحق السيد المسيح، أتوسل إليك أن تدلني على الطريق، فأنا لا أرى شيئا. ثم إنني أخاف أن أسير وحيدا في المقبرة. إنه أمر مرعب ومخيف.



يتنهد الحارس أخيرا ويقول:



– يبدو أن لا خلاص منك. حسنا، هيا بنا.



وسارا سوية، الحارس والمسافر، متلاصقين وصامتين. وكانت الريح المشبعة بالرطوبة تضرب وجهيهما مباشرة، بينما خشخشة الأشجار الخفية تنثر قطرات الماء عليهما، وكانت الطريق مغطاة بالوحل تماما.



قال الحارس بعد فترة صمت دامت طويلا:



– نسيت أن أسالك. كيف دخلت المقبرة والبوابة مقفلة؟ هل تسلقت السور؟ إذا كنت حقا قد فعلت ذلك، فهذا آخر شيء اتوقعه من رجل كبير السن.



– لا أدري يا صديقي، لا أدري. انا نفسي لا اعرف كيف حصل هذا. إنه عقاب من الله…إذن أنت حارس هنا يا صديقي؟



– نعم.



– الوحيد على كل المقبرة؟



ضربتهما في تلك اللحظة لفحة ريح هوجاء فتوقفا في مكانهما، وانتظرا حتى تجاوزتهما. عادا ليواصلا سيرهما. أجاب الحارس:



– نحن ثلاثة. أحد الإثنين الباقيين مريض بالحمى، والآخر نائم، ويستلم واجبه من بعدي.



– آآآآ…فقط اردت أن أتأكد ياصديقي. يا لها من ريح. تعوي كأنها وحش. آوووووووه…



– ومن أين أنت قادم؟



– من مكان بعيد يا صديقي. أنا من فولوغدا. أتنقل من مكان مقدس إلى آخر وأصلي للناس. فليحفظني الله ويشملني برحمته.



توقف الحارس كي يشعل غليونه. إنحنى خلف ظهر المسافر واشعل بضعة عيدان كبريت. وهج العود الأول أضاء لوهلة على الجانب الأيمن من الطريق شاهدة قبر بيضاء بملاك وصليب أسود. العود الثاني توهج وانطفأ بسبب الريح. ظهر كأنه برق مندفع إلى اليسار فكشف عن جانب لشيء أشبه بسقيفة. عود الكبريت الثالث اضاء جانبي الطريق كاشفا عن شاهدة القبر، الصليب الأسود، وسقيفة لضريح طفل. غمغم الغريب وهو يتنهد بصوت مرتفع:



– النائمون الغائبون، النائمون الأعزة. كلهم سواء في نومهم، الأغنياء والفقراء، العاقلون والحمقى، الطيبون والأشرار. لا فرق بينهم على الإطلاق، وسيبقون نائمين جميعا حتى النفير الأخير. لتكن جنة الخلد مأواهم يسكنونها آمنين.



أجابه الحارس معلقا:



– الآن نحن نتحرك ونتحدث عنهم، ولكن سيأتي اليوم الذي نرقد فيه إلى جانبهم.





– دون شك سنموت جميعا. ليس هنالك من لا يموت. آآآآ…وافعالنا، وأفكارنا..شريرة، ماكرة ومخادعة…



– نعم ، لكنك ستموت يوما.



– دون شك يا صديقي.



يواصل الحارس تعليقه قائلا:



– الموت على حاج أسهل منه على أشخاص مثلنا.



– الحجاج أنواع، هنالك الحقيقيون الذين يخافون الله ويحرصون على عدم معصيته، وهنالك التائهون الضائعون في المقابر يوسوس لهم الشيطان بشتى المعاصي. يستطيع أحدهم الآن أن يفتح رأسك بفأس ويضع حدا لحياتك.



– لماذا تتحدث معي بهذا الشكل؟



– اوه..لا شيء، مجرد خيالات. أعتقد أننا وصلنا البوابة، هيا افتحها أيها الرجل الطيب.



تحسس الحارس طريقه نحو البوابة و..فتحها، ثم أمسك بالحاج من كم ردائه وقاده إلى الخارج قائلا:



– هذه هي نهاية المقبرة، والآن عليك أن تسير عبر الحقول المفتوحة حتى تصل الطريق الرئيسي. فقط حاذر من السقوط في الغدير القريب من هنا.



يتنهد الحاج بعد لحظة صمت ويقول:



– لا أظن أني سأذهب إلى (متريفسكي ميل). لا أرى سببا لذلك. سأبقى معك بعض الوقت يا سيدي.



– ولأي سبب تبقى معي؟



– أوه..أعتقد أن البقاء معك أفضل.



– إذن، فقد وجدتَ رفقة حسنة. أرى أنك مولع بالمزاح أيها الحاج.



قال الحاج وهو يكتم ضحكة غليظة:



– إذا أردت الحق، نعم، أنا كذلك. آآآآ…أيها الرجل الطيب، أراهن أنك ستظل تتذكرني لسنوات طويلة.



– ولماذا… سأظل أتذكرك؟



_ لقد أتيتك من حيث لا تدري….فهل أنا حاج؟ لا..أنا لست حاجا على الإطلاق.



– فماذا تكون إذن؟



– مجرد رجل ميت. لقد نهضت من تابوتي للتو. أتذكر صانع الأقفال غوبارييف الذي شنق نفسه في أسبوع الكرنفال؟ حسنا، أنا غورباييف.



– قل شيئا آخر.



لم يصدقه الحارس، لكن قشعريرة باردة سرت في جسده، واستولى عليه رعب ضاغط، فاندفع متعجلا يتحسس البوابة. لكن الغريب أمسك به من ذراعه وصاح به:



– هَه..هَه..هَه، أين أنت ذاهب؟ هل من اللياقة أن تتركني لوحدي.



عندها صرخ الحارس وهو يحاول ان يتحرر من قبضة الغريب:



– أتركني، أتركني…



– توقفْ. قلت لك توقفْ..، فلا تقاوم ايها الكلب القذر. إذا أردتَ أن تبقى بين الأحياء، فتوقفْ وامسك لسانك حتى أقول لك. لو كنتُ اريد قتلك، لكنتَ الآن ميتا منذ زمن. هيا..توقفْ أيها الخسيس…



ومن شدة رعبه، أغلق الحارس عينيه، متكئا على السور. وكانت ساقاه تهتزان بشدة تحته. كان يريد أن يصرخ مستنجدا، لكنه كان يعرف بأن صوته لن يصل أحدا من الأحياء. وكان الغريب واقفا إلى جانبه ممسكا بذراعه.



مرت ثلاث دقائق دون أن يتكلما. أخيرا خرق الغريب الصمت محدثا نفسه:



– أحدهم مصاب بالحمى، والآخر نائم، والثالث يرى حُجاجا على الطريق. هل تعرف بأن اللصوص أكثر شطارة منكم. توقفْ.. لاتتحرك..



ومرت عشر دقائق وهما في صمت تام. فجأة جلبت الريح صوت صفير. عندها قال الغريب تاركا ذراع الحارس:



– الآن يمكنك ان تذهب. هيا اذهب واشكر ربك لأنك ما تزال حيا.



أطلق الغريب صفيرا أيضا، وركض عبر البوابة، وسمعه الحارس وهو يقفز فوق الغدير.



كان ما يزال يرتعد من رعبه، عندما فتح البوابة وانطلق يركض وهو مغمض العينين، وفي داخله يراوده إحساس ينذر بالشر.



وعند انعطافته إلى الطريق الرئيسي، سمع وقع خطوات مسرعة، وصوتا يسأل:



– أهذا أنت يا تيموفي؟ أين ميتكا؟



وظل يركض حتى نهاية الطريق الرئيسي، عندها لاح له ضوء خافت في العتمة. وكان خوفه وإحساسه بوقوع الشر يتعاظم ويكبر وهو يدنو من الضوء. قال محدثا نفسه:



– يبدو أن الضوء قادم من الكنيسة. ولكن كيف حصل هذا؟ فليحمني الرب ويشملني برحمته.



وقف الحارس لبرهة أمام النافذة المحطمة، ينظر برعب إلى المذبح. كانت هنالك شمعة صغيرة، يبدو ان اللصوص نسوا أن يطفئوها، كان ضوءها يهتز مع الريح، فينشر بقعا داكنة حمراء فوق الأردية المتناثرة على الارض، والخزانة المقلوبة وآثار الأقدام المنتشرة عند المذبح.



مر بعض الوقت والحارس متسمر في موضعه، والريح تعوي.. ويختلط عواؤها بخشخشة وصليل الأجراس…

[قصة قصيرة] الحرباء لانطوان تشيخوف

$
0
0
بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلج العريف ” آخميلوف ” باحة السوق يتبعه شرطي ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمة حركة جلّية .. أبواب المحلات ونوافذها مواربة علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدق بأسى ” لدنيا الله . علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : ” هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون. هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عض الآخرين ..آه ‍ ‍!.. آه أوقفوه !. يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجه أنظار ” آخميلوف ” ...

[قصة قصيرة] الحرباء لانطوان تشيخوف

$
0
0
بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلج العريف ” آخميلوف ” باحة السوق يتبعه شرطي ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمة حركة جلّية .. أبواب المحلات ونوافذها مواربة علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدق بأسى ” لدنيا الله .

علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : ” هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون. هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عض الآخرين ..آه ‍ ‍!.. آه أوقفوه !.

يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجه أنظار ” آخميلوف ” ناحية الصوت .. هناك كلبٌ برجل عرجاء يفرٌّ هارباً من ناحية ” مخزن أخشاب بنجوجن ” ملاحقاً من قبل رجل ذي قميص أبيض يحاول الامساك به فيتعثر ساقطاً .. غير أنه يفلح في القبض عليه من قائمتيه الخلفيتين .. يعوي الكلب ومعه تستمر صيحات الرجل .

وجوه بعيونً ناعسة تطلً من نوافذ المحلات ؛ تطالع حشداً بشرياً ألتم سريعاً كأنه أنبثق من ثنايا الارض .

– ” اتعتقد أنّ من الضروري توجيه اللوم والتوبيخ لتجمع غير مسموح به كهذا ؟”.. يحاور أخمينوف شرطيَّةُ .

يستدير يساراً ويخطو باتجاه الحشد جوار الباب الرئيس لمخزن الأخشاب ، يشاهد الرجل ذا القميص الأبيض يرفع يداً عارضاً على العيون المبحلقة أصبعاً مُدمّىَ فيما وجهه يشي بتعابير رجل شبه مخمور : ” إنتظر ! .. ساجعلك تدفع الكثير مقابل هذا ، أيها الشيطان ” .

وسرعان ما يتعرف آخميلوف على الرجل : أنه ” كربوكين ” ؛ مثلما يشاهد الكلب خالق الجلبة يرتجف وسط الحشد وقائمتاه الاماميتان ممدودتان ..كلبٌ أبيض تبقّع ظهره بقعة صفراء ، عيناه تمتلئان بتعابير الخشية والقلق .

– ” ما الخطب ؟ ! ” .. يروح آخميلوف يتساءل ، صانعاً طريقاً له وسط الحشد ” . لماذا تقف هنا ؟ وما الذي جرىَ لا صبعك ؟ ومن كان يصرخ ؟ ”

– أنا .. لم أمَسَ أحداً .. ينطق ” كريوكين ” ثم يواصل ” ” كنت أتجول في غابة ديمتري ديمتر يفتش ، هناك عندما هاجمني هذا الكلب المتوحش وعضّ أصبعي .. ليس لديَّ ياسيدي غير هاتين اليدين أعمل بهما ، وعضّة هذا الكلب ستوقفني عن العمل لفترةٍ لا تقل عن سبعة أيام ، لهذا على صاحبه أن يدفع لي تعويضاً ؛ إ لا يوجد في القانون ما ينبغي تحمله من تبعات مخاطر الحيوانات ، لانّه لوترك لكل حيوان حرية العضّ والفتك بالآخرين فلن يبق أحد علىَ قيدِ الحياة في هـذا العالم . ”

بصرامةٍ ظاهرة يرتفع حاجبا العريف آخميلوف ويهبطان :

– مَن هو صاحب هذا الكلب ؟ .. لن أسمح لمثلَ هكذا خروقات أن تحدث وتستمر. إنَّ علىَ الجميع أن لا يتركوا كلابهم طلقية كما تشاء ، لقد ولّىَ الزمن الذي يترك فيه من لا يطيع القوانين ساعاقب مالك هذا الكلب ، وسأعلمه من أنا يستدير إلى الشرطي المرافق :

– يا يلديرين ، تحرَّ عمّن يكون صاحب هذا الكلب .. هذا الكلب يجب أن يقتل .. أفعل ذلك سريعاً ، فقد يكون مسعوراً .. علىَ أي حال لمن هذا الكلب ؟

– يبدو أنّه كلبٌ الجنرال ييجالوف ، ينطق أحد من الحشد .

– للجنرال ييجالوف ؟ ها !.. يالديرين ، إخلع معطفي ! .. ما هذا الحر الشديد ! من المحتمل أن تمطر هذا اليوم .. يوجد ثمة شيء لا أفهمه كيف عضّك هذا الكلب ؟ ” يتوجه العريف آخميلوف إلى ” كريوكين ” متساءلاً . ” وكيف طال أصبعك ،أنه كلب صغير بينما أنت رجل كبير ؟ .. ربما فعلت ذلك بنفسك وأدعيت جرحك هذا من فعل هذا الكلب المسكين سعياً للحصول علىَ مال .. أعرفكم أيها الشياطين !!

– ” أطفأ السيجارة في وجه الكلب لكن الكلب ليس غبياً فعضّه ، ياسيدي . ” يتفوه الشرطي يلديرين .

– تكَذٌب ! .. ما شاهد مثل هذا ، ياسيدي ما شاهد مطلقاً .. ولكن دع الحاكم يقرر ، القانون يؤكد بسواسية الجميع في هذا العهد ؛ ولي أخ يعمل في قسم الشرطة فأن لم ..

– توقف !

– ” كلاّ ! هذا ليس كلب الجنرال “يقول الشرطي يلديرين مظهراً إهتماماً ، ” لا يملك الجنرال كلباً كهذا ، هذا كلب لا يمت إلى كلابه بشيء “.

– أمتأكد من ذلك ؟ ” يسأل العريف آخميلوف .

– نعم ، كلّ التأكيد .

– وأنا متأكد أيضا .. كلابٌ الجنرال غالية الثمن ، أما هذا الكلب فليس له شعر مقبول ولا شكل يُعتَد به لماذا يقتني الناس كلاباً قميئة .. لو كان في بطرسبورنج أو موسكو مثل هذه الكلاب هل تخمن ما يحدث ؟ لن يجهدوا أنفسهم في البحث في فقرات القانون للتخلص منها ، بل يصنعون لها نهاية سريعة .. ” ياكريوكين ” لا شكّ أنك تعاني من ألم الجرح لذلك سوف لا أترك الأمرَ يجري عادياً ، سألقن مالكي هذه الكلاب درساً .. ولكن يبتسم آخميلوف مفكراً ! أعتقد أنني شاهدت هذا الكلب في باحة الجنرال .

– “طبعاً ؛ إنه كلب الجنرال ” يأتي صوت من عمق الحشد .

– يالديرين ؛ ساعدني .. ألبسني معطفي وخذ الكلب إلى الجنرال تأكد إن كان له أم لا. قل وجدته في الطريق فأتيت به ؛ قدم لهم رجاء إرجوهم أن لا يتركوا الكلب في الشارع ، لأنه كلب ثمين وقد يرتكب أحدهم حماقة فيطفىء سيجارة في خطمه فيتسبب في إيذائه ، الكلب مخلوق رقيق .. وانت أيها الغبي .. إنزل يدك فلا ضرورة لعرض أصبعك السخيف ، إنها حماقتك .

– ها هو طباخ الجنرال ، دعونا نستفهم منه .. مرحباً بروخور تعال هنا للحظة ، إنظر هل هذا كلبكم ؟ !

– هذا ! .. لم نقتن مثل هذه الكلاب في حياتنا أبداً .

– هذا كلب لا يستحق السؤال عنه .. يتمتم آخميلوف .. متشردّ وينبغي قتله .

– كلا .. ليس لنا مطلقاً ، بل هو عائد لأخ الجنرال الذي وصل إلى المدينة توّاً .

سيدي لا يفضل هذه الأنواع ، إنما أخوه من يرغبها .

– هكذا إذاً أخوه فلا ديمير إيفانوفيتش وصل إلى هنا ” يتساءل آخميلوف بمحّياً مشرق وأبتسامة تغمر وجهه : ” حسناً ، حسناً ، لم أكن أعرف ذلك . ” إذاً هو في زيارة لمدينتنا ‍‍!

– نعم ، ياسيدي في زيارة ، تحلاف .

– حسناً ، حسناً وهذا هو كلبه ، أنا مسرور جداً خذه ! يالهُ من كلب صغير وبارع ، سريعاً أمسك باصبع هذا الرجل ها .. ها .. ها ، لماذا ترتجف أيها الكلب الصغير .. لم تفعل شيئاً يستحق الخوف ؛ وهذا الرجل وغد وشرير..

ينادي ” بروخور ” على الكــلب ويذهب به بينما يوجه أخميلوف تهديداتــــه إلى ” كريوكين “يحكم شدّ معطفه علىَ جسده ثم يتخذ طريقه إلى داخل السوق يتبعه الشرطي يلدرين حاملاً الفاكهة

[قصة قصيرة] الساذجة لانطوان تشيخوف

$
0
0
طلبت – قبل بضعة أيام – من مربية أولادي ( جوليا فاسيليفنا ) موافاتي بغرفة المكتب. – تفضلي بالجلوس ( جوليا فاسيليفنا ) – قلت لها – كيما نسوي مستحقاتك . ويبدو أنك تلبسين رداء الرسمية والتعفف إذ أنك لم تطلبيها رسميا مني رغم حاجتك الماسة للمال … حسنا … كنا إذا قد اتفقنا على مبلغ ثلاثين روبلا في الشهر … – بل أربعين قالت باستحياء. – كلا .. اتفاقنا كان على ثلاثين ، دونت ملاحظة بذلك . أدفع إلى المربيات ثلاثين روبلا عادة . لقد عملت هنا مدة ...

[قصة قصيرة] الساذجة لانطوان تشيخوف

$
0
0
طلبت – قبل بضعة أيام – من مربية أولادي ( جوليا فاسيليفنا ) موافاتي بغرفة المكتب.
– تفضلي بالجلوس ( جوليا فاسيليفنا ) – قلت لها – كيما نسوي مستحقاتك .
ويبدو أنك تلبسين رداء الرسمية والتعفف إذ أنك لم تطلبيها رسميا مني رغم حاجتك الماسة للمال … حسنا … كنا إذا قد اتفقنا على مبلغ ثلاثين روبلا في الشهر …
– بل أربعين قالت باستحياء.
– كلا .. اتفاقنا كان على ثلاثين ، دونت ملاحظة بذلك . أدفع إلى المربيات ثلاثين روبلا عادة . لقد عملت هنا مدة شهرين لذا ..
– شهران وأيام خمسة قالت مصححة
– بل عملت لمدة شهرين بالتمام والكمال – قلت بإصرار – لقد دونت ملاحظة بذلك ، وهذا يعني أنك تستحقين ستين روبلا يخصم منها أجر تسعة أيام تعرفين تماما أنك لم تعملي شيئا لـ ( كوليا ) أيام الأحد وكنت تكتفين بالخروج به للنزهة … هناك أيضا ثلاث إجازات و …
ولم تعقب .. اكتفت المسكينة بالنظر إلى حاشية فستانها فيما كست محياها حمرة شديدة .. مانبست ببنت شفه
– ثلاث إجازات فلنخصم من ذلك إذا اثنى عشر روبلا … كما وأن ( كوليا ) قد مرض فاستغرق ذلك ثلاثة أيام لم يتلق عبرها أي درس … شغلت إبان ذلك بـ ( تانيا ) فقط ، هناك أيضا أيام ثلاثة شعرت فيها بآلام في أسنانك ممضة اعفتك زوجتي خلالها من العمل بعد الظهر … اثنا عشر وسبع يساوي تسعة عشر ، واطرحي ذلك فيتبقى بعد ذلك … آ … واحد وأربعون روبلا … أصبح ذلك
واحمرت العين اليسرى ( لجوليا فاسيليفنا ) ثم … غرقت بالدمع ، فيما تشنج ذقنها وارتعش … وسعلت بشدة ثم مسحت أنفها … إلا أنها … لم تنبس بحرف
– ” قبيل ليلة رأس السنه كسرت كوب شاي وصحنه ، يخصم من ذلك روبلان رغم أن تكلفة الكوب هي في الواقع أكثر من ذلك إذ إنه كان ضمن تركة قيمة … لا يهم ليست تلك هي أولى مامنيت به من خسائر … بعد ذلك ونتيجة لإهمالك صعد ( كوليا ) شجرة فتمزق معطفه ، يخصم من المجموع عشرة روبلات … كما وأن الخادمه قد سرقت – بسبب لامبالاتك حذاء ( فانيا ) ينبغي أن تفتحي عينيك جيدا … أن تتوخي الحذر والحيطة
فنحن ندفع لك ثمن ذلك … حسنا نطرح من كل ذلك خمسة روبلات وإني قد أعطيتك عشرة روبلات يوم العاشر من يناير
– لم يحدث ذلك ّ همست ( جوليا فاسيليفنا )
– بلى دونت ملاحظة بذلك قلت بإصرار
– حسنا وإذا أجابت بنبرات كسيرة .
– فإذا ما خصمنا سبعة وعشرين من واحد وأربعين فسيتبقى لك أربعة عشر روبلا
وغرقت بالدموع حينها كلتا عينيها فيما ظهر العرق على أنفها الصغير الجميل … ياللبنية المسكينة
– لم أحصل على مال سوى مرة واحدة
– قالت صوت راعش متهدج النبرات – وكان ذلك من زوجتك . ماتجاوز ما استلمته ثلاث روبلات … لا أكثر سيدي
– حقا أرأيت لم أدون ملاحظة بذلك – سأخصم من الأربعة عشر روبلا ثلاثة فيتبقى لك أحد عشر روبلا
ودفع إليها بالمبلغ فتناولته بأصابع مرتجفة ثم دسته في جيبها .
شكرا قالت هامسة .
– ولماذا هذه الـ ( شكرا ) سألتها
– للمبلغ الذي دفعته لي .
لكنك تعرفين أني قد غششتك … أني قد سرقتك ونهبت مالك فلماذا شكرتني
– في أماكن أخرى لم يكونوا ليدفعوا لي شيئا البتة
– لم يمنحوك على الإطلاق شيئا زال العجب إذا لقد دبرت هذا المقلب كي ألقنك درسا في المحافظة على حقوقك ، سأعطيك الآن مستحقاتك كاملة … ثمانون روبلا … لقد وضعتها في هذا الظرف مسبقا … لكن – تساءلت مشدوها – أيعقل ذلك أن يتسم إنسان بكل ذلك الضعف والاستسلام لماذا لم تعترضي لم كل ذلك الصمت الرهيب … أيعقل أن يوجد في هذا العالم النابض بالظلم والأحقاد والشراسة إنسان بلا أنياب أو مخالب إنسان في سذاجتك وخضوعك
وابتسمت في ذل وانكسار فقرأت في ملامحها ” ذاك ممكن ” واعتذرت منها مجددا عما سببته لها من ألم وإحراج ، إذ إن الدرس كان قاسيا حقا قبل أن أسلمها الظرف الذي يحوي أجرها … ثمانون روبلا تناولتها بين مكذبة ومصدقة … وتلعثمت وهي تكرر الشكر … المرة تلو المرة ثم غادرت المكان وأنا أتأملها وسيل من جراحات الإنسان المعذب في أرجاء غابة الظلم يندح في أوردتي وهمست لنفسي :
– حقا ما أسهل سحق الضعفاء في هذا العالم

[قصة قصيرة] الصبي الشرير لانطوان تشيخوف

$
0
0
هبط إيفان إيفانيتش لابكين، الشاب اللطيف الهيئة وأنا سيميونوفنا زامبليسكايا، الشابة ذات الأنف الصغير المقعي، على الشاطئ المنحدر، وجلسا على أريكة . وكانت هذه الأريكة تقوم قرب الماء تماما، وسط خمائل الصفصاف اليافعة الكثيفة . مكان ساحر ! ما إن تجلس هنا حتى تختفي عن العالم، فلا تراك إلا الأسماك والعناكب المائية الراكضة كالبرق فوق صفحة المياه . وكان الشاب والشابة مزودين بالسنانير والشباك وعلب ديدان الطعم وغيرها من أدوات الصيد . وما إن جلسا حتى شرعا على الفور في صيد السمك . وبدأ لابكين يقول وهو يتلفت ...

[قصة قصيرة] الصبي الشرير لانطوان تشيخوف

$
0
0
هبط إيفان إيفانيتش لابكين، الشاب اللطيف الهيئة وأنا سيميونوفنا زامبليسكايا، الشابة ذات الأنف الصغير المقعي، على الشاطئ المنحدر، وجلسا على أريكة . وكانت هذه الأريكة تقوم قرب الماء تماما، وسط خمائل الصفصاف اليافعة الكثيفة . مكان ساحر ! ما إن تجلس هنا حتى تختفي عن العالم، فلا تراك إلا الأسماك والعناكب المائية الراكضة كالبرق فوق صفحة المياه . وكان الشاب والشابة مزودين بالسنانير والشباك وعلب ديدان الطعم وغيرها من أدوات الصيد . وما إن جلسا حتى شرعا على الفور في صيد السمك . وبدأ لابكين يقول وهو يتلفت : – كم أنا سعيد بأننا أخيرا أصبحنا وحدنا..أريد ان أقول لك الكثير يا آنا سيميونوفنا..الكثير جدا..عندما رأيتك أول مرة..سنارتك تغمز..أدركت عندها لأري غرض أحيا، أدركت أين معبودي الذي ينبغي أن أكرس له كل حياتي الكادحة الشريفة .. يبدو أنها سمكة كبيرة تغمز .. ما إن رأيتك حتى أحببتك، لأول مرة، أحببتك حبا جارفا ! انتظري لا تجذبي، دعيها تغمز.. خبريني يا عزيزتي، استحلفك، هل أستطيع أن آمل – لا بأن تبادليني الحب، كلا فأنا لا استحق، أنا حتى لا أجرؤ على التفكير في ذلك، هل أستطيع أن أطمع في…اسحبي!
رفعت آنا سيميونوفنا يدها عاليا بالسنارة وشدتها وصرخت . ولمعت في الهواء سمكة فضية خضراء . – يا إلهي ، فرخ ! آي ، آه .. أسرع ! أفلتت ! أفلتت السمكة من السنارة، وتلوت على العشب قافزة نحو محيطها و .. غاصت في الماء ! .
وبينما كان لابكين يطارد السمكة أمسك عفوا بذراع آنا سيميونوفيا بدلا من السمكة، عفوا ضمها إلى شفتيه …وشدت هي ذراعها، ولكن بعد فوات الآوان : فقد انطبقت الشفتان عفوا في قبلة.
حدث ذلك عفوا . وتلت القبلة قبلة أخرى، ثم الإيمان والتأكيدات .. يا لها من لحظات سعيدة ! ولكن ليس هناك شيء سعيد بصورة مطلقة في هذه الحياة الدنيوية، فالشيء السعيد عادة يحمل في طياته السم، أو يسممه شيء ما خارجي . وهذا ما كان في هذه المرة أيضا . فبينما كان الشاب والشابة يتبادلان القبلات سمعا فجأة ضحكا . نظرا إلى النهر وأصابهما الذهول :
فقد كان هناك صبي يقف في الماء عاريا مغمورا حتى وسطه . كان ذاك هو التلميذ كوليا شقيق آنا سيميونوفنا، كان واقفا في الماء ينظر إلى الشاب والشابة وهو يبتسم بخبث، وقال : -أه .. تتبادلان القبل ؟ طيب ! سأقول لماما.
فدمدم لابكين وهو يتضرج بالحمرة .
– آمل بأنك إنسان شريف .. إن التلصص شيء وضيع، والوشاية شيء منحط، كريه .. أعتقد أنك إنسان شريف ونبيل.
فقال الإنسان النبيل : – هات روبلا وعندئذ لن أقول ! وإلا فسأقول.
وأخرج لابكين من جيبه روبلا وأعطاه لكوليا، وضم هذا قبضته المبللة على الروبل، وصفر ثم سبح مبتعدا.
ولم يعد العاشقان الشابان إلى تبادل القبلات بعد ذلك في هذا اليوم .
وفي اليوم التالي جلب لابكين أصباغا وكرة من المدينة لكوليا، وأهدته أخته كل علب الأدوية الفارغة التي كانت تمتلكها . ثم اضطرا إلى إهدائه أزرار أكمام قميص بوجوه كلاب . ويبدو أن هذا كله أعجب الصبي الشرير، ولكي يحصل على المزيد مضى يراقبهما . وأينما ذهب لابكين وآنا سيميونوفيا كان يذهب . ولم يتركها دقيقة واحدة .
وصر لابكين على أسنانه وقال : – وغد ! ما أصغره ومع ذلك فياله من وغد كبير !
– ترى كيف سيصبح فيما بعد ؟!
وطوال شهر يونيو نغص كوليا على العاشقين المسكينين حياتهما . كان يهددهما بالوشاية، ويراقبهما ويطالب بالهدايا. ولم يكن يكفيه ما يحصل عليه، وفي آخر الأمر بدأ يتحدث عن ساعة جيب .. فماذا ؟.. اضطرا أن يعداه بساعة .
وذات مرة ، أثناء الغداء عندما قدموا البسكوت المحشو بالحلوى قهقه كوليا فجأة وغمز بعينه وسأل لابكين : – أقول ؟ هه؟
واحمر لابكين بشدة؛ وبدلا من البسكوت راح يمضغ الفوطة، وهبت آمنا سيميونوفيا واقفة من أمام المائدة وركضت إلى غرفة أخرى .
وظل العاشقان في هذا الوضع حتى آخر أغسطس، حتى ذلك اليوم الذي طلب فيه لابكين، أخيرا، يد آنا سيميونوفنا .
أوه كم كان يوما سعيدا فبعد أن تحدث لابكين مع والدي العروس وحصل على موافقتهما، كان أول ما فعله أن انطلق إلى الحديقة ومضى يبحث عن كوليا، وعندما وجده كاد يبكي من الفرحة وأمسك بهذا الولد الشرير من أذنه . وجاءت آنا سيميونوفنا ركضا . فقد كانت هي الأخرى تبحث عن كوليا، وأمسكت بأذنه الثانية .. كان ينبغي أن تروا أية متعة ارتسمت على وجهي العاشقين عندما راح كوليا يبكي ويضرع إليهما : – يا أحبائي، يا أعزائي، لن أعود إلى ذلك . آي، آي، سامحاني .
وبعد ذلك اعترافا بأنهما لم يشعرا أبدا طوال فترة حبهما بمثل هذه السعادة، بمثل هذه المتعة الغامرة، التي أحسا بها عندما كانا يشدان أذني هذا الولد الشرير .

[قصة قصيرة] الكبش والآنسة لانطوان تشيخوف

$
0
0
كانت سِحنة السيد المحترم الشبعانة اللامعة تنطق بالملل القاتل.. كان قد غادر لتوه أحضان مورفيوس* بعد الظهر ولا يدري ماذا يفعل.. لم تكن له رغبة في التفكير أو التثاؤب، أما القراءة فملّها منذ زمن سحيق، وكان الوقت لايزال مبكرا للذهاب إلى المسرح، ومنعه الكسل من الذهاب إلى التزحلق فما العمل؟ بما يسلي نفسه؟ وأبغله الخادم يجور: – هناك آنسة ما .. جاءت تسأل عنكم . – آنسة؟ ممم تُرى من هي؟ على العموم سيان .. ادعها . ودخلت غرفة المكتب بهدوء فتاة وسيمة سوداء الشعر ترتدي ملابس بسيطة، بل وبسيطة ...

[قصة قصيرة] الكبش والآنسة لانطوان تشيخوف

$
0
0
كانت سِحنة السيد المحترم الشبعانة اللامعة تنطق بالملل القاتل.. كان قد غادر لتوه أحضان مورفيوس* بعد الظهر ولا يدري ماذا يفعل.. لم تكن له رغبة في التفكير أو التثاؤب، أما القراءة فملّها منذ زمن سحيق، وكان الوقت لايزال مبكرا للذهاب إلى المسرح، ومنعه الكسل من الذهاب إلى التزحلق فما العمل؟ بما يسلي نفسه؟
وأبغله الخادم يجور:
– هناك آنسة ما .. جاءت تسأل عنكم . – آنسة؟ ممم تُرى من هي؟ على العموم سيان .. ادعها .
ودخلت غرفة المكتب بهدوء فتاة وسيمة سوداء الشعر ترتدي ملابس بسيطة، بل وبسيطة جداً، وعندما دخلت حَيّت بانحناءة .. وأخذت تقول بصوت مرتعش:-
ـ ارجو المعذرة … أنا…..قالوا لي إن حضرتكم………… إنه من الممكن أن أجدكم في الساعة السادسة فقط…..أنا….أنا…..ابنة مستشار القصر** بالتسيف….
– تشرفنا تفضلي اجلسي اية خدمة؟ اجلسي لا تخجلي.
– لقد جئتكم في طلب…….

مضت الآنسة تقول وهي تجلس في ارتباك وتعبث بأزرارها بيدين مرتعشتين.
– لقد جئت.. لكي أطلب منكم بطاقة سفر مجانية إلى موطني سمعت أنكم تعطون.. وأنا أريد أن أسافر وليس معي….. أنا لست غنية… بطاقة من بطرسبرج إلى كورسك .
– ممممم….هكذا….ولماذا تريدين السفر إلى كورسك ؟ ألا يعجبك الحال هنا – لا هنا يعجبني ولكن…أهلي أريد ان أسافر إلى أهلي لم أرهم منذ مدة طويلة كتبوا لي أن أمي مريضة .
– ممم….وأنت موظفة ام طالبة .
وأخبرته الآنسة بالمكان الذي تعمل فيه وعند مَن وكَم كانت تتقاضى وبحجم العمل الذي كانت تؤديه.
ـ هكذا…… كنت تعملين….. لا يمكن القول أن مرتبك كان كبيرا…..لايمكن القول….ليس من الإنسانية إلا أن تصرف لك بطاقة مجانية……مم…….إذن فأنت مسافرة إلى أهلك، حسنا وربما كان لديك في كورسك حبيب هه؟ .. حبوب؟ هىء هىء هىء… خطيب؟ آه تخجلين؟ آه لا داعي هذا شيء جيد …..فلتسافري ….. حان الوقت لكي تتزوجي.. ومن هو.. موظف .. شيء جيد .. سافري إلى كورسك يقال إنه على بعد مائة فرسخ من كورسك تنتشر رائحة حساء الكرنب وتزحف الصراصير…..هىء هىءهىء لا بد أن الحياة مملة في كورسك هذه؟ لا تخجلي انزعي القبعة.
– يا يجور هات الشاي.
لم تكن الأنسة تتوقع مثل هذا الاستقبال الرقيق فشع وجهها بالسرور ووصفت للسيد المحترم كل ما في كورسك من ألوان التسلية…….وأخبرته أن لديها أخا موظفا وعمها مدرس وأبناء أخيها تلاميذ… وقدم يجور الشاي وتناولت الآنسة الكوب بوجل وراحت ترتشفه دون صوت، وهي تخشى أن تصدرعنها مصمصة.. وكان السيد المحترم يتطلع إليها وهو يضحك بسخرية…. لقد بدأ يشعر بالملل.
ـ هل خطيبك وسيم؟ وكيف تعرفت عليه؟
وأجابت الآنسة بخجل على هذين السؤالين واقتربت بمجلسها من السيد المحترم في ثقة وروت له وهي تبتسم كيف تقدم الخطاب هنا في بطرسبرج لخطبتها فرفضتهم …… تحدثت طويلاً، وأنهت حديثها بأن أخرجت من جيبها رسالة من والديها وقرأتها على السيد المحترم…. ودقت الساعة الثامنة.
– والدك خطه لا بأس به ……. بأية زخارف ينمق الحروف ..هىء هىء.. حسنا لقد حان وقت انصرافي …لابد أن المسرح بدأ عرضه ……وداعا يا ماريا سيميونوفنا.
فسألت الآنسة وهي تنهض :
– إذن أستطيع أن آمل.
– بماذا؟
– بأن تعطوني بطاقة مجانية……
– بطاقة؟ مممممم……. ليس لدي بطاقات يبدو أنك أخطأتِ يا سيدتي..هىءهىءهىءهىء .. أخطأتِ العنوان .. دخلتِ غير المدخل …بالقرب مني يسكن حقا أحد العاملين في السكك الحديدية، أما أنا فأعمل في البنك .. يا يجور؛ قل لهم أن يعدوا العربة.. وداعا يا آنسة ماريا سيميونوفنا .. سعيد جدا …. سعيد جدا بلقائك .
ارتدت الآنسة معطفها وخرجت …..وعند مدخل الباب الآخر قيل لها أنه سافر إلى موسكو في السابعة والنصف

[قصة قصيرة] الكلب لانطوان تشيخوف

$
0
0
بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلجُ العريف ” آخميلوف ” باحةَ السوق يتبعه شرطيٌّ ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمّة حركة جلّية .. أبوابُ المحلات ونوافذها مواربةٌ علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدّق بأسى لدنيا الله . علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : ” هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون . هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عضّ الآخرين .. آه !.. آه أوقفوه !. يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجّه أنظار ” آخميلوف ” ناحيةَ الصوت ...

[قصة قصيرة] الكلب لانطوان تشيخوف

$
0
0
بمعطفه الجديد ؛ وبشيء ما يتأبطه يلجُ العريف ” آخميلوف ” باحةَ السوق يتبعه شرطيٌّ ذو شعر أحمر ، حاملاً ما صادراه من فاكهة .. الصمت يشيع في الأرجاء ، وليست ثمّة حركة جلّية .. أبوابُ المحلات ونوافذها مواربةٌ علىَ سعتها مثل أفواه جائعة تحدّق بأسى لدنيا الله .

علىَ نحوٍ مباغت تٌمزّق أستار الصمت صرخةُ : ” هكذا تريد أن تعضّني أيها الكلب الملعون . هذا زمان ما عاد للكلاب حرّية عضّ الآخرين .. آه !.. آه أوقفوه !.

يندلع نباحٌ متواصل .. تتوجّه أنظار ” آخميلوف ” ناحيةَ الصوت .. هناك كلبٌ برجلٍ عرجاء يفرٌّ هارباً من ناحية ” مخزن أخشاب بنجوجن ” ملاحَقاً مِن قبل رجلٍ ذي قميص أبيض يحاول الإمساك به فيتعثّر ساقطاً .. غير أنّه يفلح في القبض عليه من قائمتيه الخلفيّتين .. يعوي الكلبُ ومعه تستمرُ صيحاتُ الرجل .

وجوهُ بعيونٍ ناعسةٍ تطلُّ من نوافذ المحلات ؛ تُطالع حشداً بشرياً التأم سريعاً كأنّه انبثقَ من ثنايا الأرض .

– ” أتعتقد أنّ من الضروري توجيه اللوم والتوبيخ لتجمّع ٍغير مسموح به كهذا ؟ “.. يحاور آخميلوف شرطيَّهُ .

يستديرُ يساراً ويخطو باتجاه الحشد جوار الباب الرئيس لمخزن الأخشاب ، يشاهد الرجلَ ذا القميص الأبيض يرفع يداً عارضاً على العيون المُبحلِقة إصبعاً مُدمّىَ فيما وجهه يشي بتعابيرِ رجلٍ شبه مخمور : ” إنتظر ! .. سأجعلك تدفع الكثير مقابل هذا ، أيها الشيطان ” .

وسرعان ما يتعرّف أخميلوف على الرجل : إنّه ” كريوكين ” ؛ مثلما يشاهد الكلب خالقَ الجلبةِ يرتجفُ وسط الحشد وقائمتاه الأماميتان ممدودتان ..كلبٌ أبيض تُبقّع ظهرَه بقعةٌ صفراء ، عيناه تمتلئان بتعابير الخشية والقلق .

– ” ما الخَطب ؟ ! ” .. يروح أخميلوف يتساءل ، صانعاً طريقاً له وسط الحشد ” . لماذا تقف هنا ؟ وما الذي جرىَ لإصبعك ؟ ومن كان يصرخ ؟ ”

– أنا .. لم أمَسَ أحداً .. ينطقُ “كريوكين” ثم يواصل “كنت أتجول في غابة ديمتري ديمتريفتش ، هناك عندما هاجمني هذا الكلب المتوحش وعضّ اصبعي .. ليس لديَّ يا سيدي غير هاتين اليدين أعمل بهما ، وعضّةُ هذا الكلب ستوقفني عن العمل لفترةٍ لا تقل عن سبعة أيام ، لهذا على صاحبه أن يدفع لي تعويضاً ؛ ألا يوجد في القانون ما ينبغي تحمله من تبِعات مخاطر الحيوانات ، لانّه لو تُرِك لكلِّ حيوان حريةَ العضّ والفتك بالآخرين فلن يبقَ أحدٌ علىَ قيدِ الحياة في هـذا العالم”

بصرامةٍ ظاهرة يرتفعُ حاجبا العريف أخميلوف ويهبطان :

– مَن هو صاحب هذا الكلب ؟ .. لن أسمح لمثلَ هكذا خروقات أن تحدث وتستمر . إنَّ على الجميع أن لا يتركوا كلابَهم طلقيةً كما تشاء ، لقد ولّىَ الزمن الذي يُترك فيه مَنْ لا يُطيع القوانين سأعاقب مالكَ هذا الكلب ، وسأعُلِّمه من أنا . يستدير إلى الشرطي المرافق :

– يا يلديرين ، تحرَّ عمّن يكون صاحب هذا الكلب .. هذا الكلب يجب أن يُقتل .. إفعل ذلك سريعاً ، فقد يكون مسعوراً .. على أي حال لمن هذا الكلب ؟

– يبدو أنّه كلبٌ الجنرال ييجالوف .. ينطُقُ أحدٌ من الحشد .

– للجنرال ييجالوف ؟ ها !.. يالديرين ، إخلع معطفي ! .. ما هذا الحر الشديد ! من المحتمل أن تمطر هذا اليوم .. يوجد ثمة شيء لا أفهمه كيف عضّك هذا الكلب ؟ يتوجه العريف أخميلوف إلى “كريوكين” متساءلاً . “وكيف طال أصبعك ، إنّه كلبٌ صغير بينما أنتَ رجلٌ كبير ؟ .. ربّما فعلت ذلك بنفسك وأدّعيت جرحك من فعل هذا الكلب المسكين سعياً للحصول على مال .. أعرفكم أيها الشياطين !!

– ” أطفأ السيجارة في وجه الكلب لكن الكلب ليس غبياً فعضّه ، ياسيدي . ” يتفوه الشرطي يلديرين .

– تكَذٌب ! .. ما شاهد مثل هذا ، يا سيدي ما شاهد مطلقاً .. ولكنْ دعْ الحاكم يقررّ ، القانون يؤكد بسواسية الجميع في هذا العهد ؛ ولي أخٌ يعمل في قسم الشرطة فإنْ لم ..

– توقف !

– ” كلاّ ! هذا ليس كلب الجنرال “يقول الشرطي يلديرين مُظهراً إهتماماً ، ” لا يملك الجنرال كلباً كهذا ، هذا كلبٌ لا يمُت إلى كلابه بشيء “.

– أمتأكد من ذلك ؟ ” يسأل العريف أخميلوف .

– نعم ، كلّ التأكيد .

– وأنا متأكد أيضا .. كلابٌ الجنرال غالية الثمن ، أما هذا الكلب فليس له شعر مقبول ولا شكل يُعتَد به لماذا يقتني الناس كلاباً قميئة .. لو كان في بطرسبورج أو موسكو مثل هذه الكلاب هل تخمن ما يحدث ؟ لن يجهدوا أنفسهم في البحث في فقرات القانون للتخلّص منها ، بل يصنعون لها نهاية سريعة .. ” ياكريوكين ” لا شكّ أنك تعاني من ألم الجرح لذلك سوف لا أترك الأمرَ يجري عادياً ، سألقّن مالكي هذه الكلاب درساً .. ولكن يبتسم أخميلوف مفكِّراً ! أعتقد أنني شاهدتُ هذا الكلب في باحة الجنرال .

– “طبعاً ؛ إنه كلب الجنرال ” يأتي صوت من عمق الحشد .

– يالديرين ؛ ساعدني .. ألبسني معطفي وخذ الكلب إلى الجنرال تأكد إن كان له أم لا. قل وجدته في الطريق فأتيت به ؛ قدم لهم رجاءً ؛ إرجوهم أن لا يتركوا الكلب في الشارع ، لأنه كلب ثمين وقد يرتكب أحدهم حماقة فيطفئ سيجارة في خطمه فيتسبب في إيذائه ، الكلب مخلوق رقيق .. وانت أيها الغبي .. أخفضْ يدك فلا ضرورة لعرض إصبعك السخيف ، إنها حماقتك .

– ها هو طباخ الجنرال ، دعونا نستفهم منه .. مرحباً بروخور تعال هنا للحظة ، إنظر هل هذا كلبكم ؟ !

– هذا ! .. لم نقتن مثل هذه الكلاب في حياتنا أبداً .

– هذا كلب لا يستحق السؤال عنه .. يتمتم أخميلوف .. متشردٌّ وينبغي قتله .

– كلا .. ليس لنا مطلقاً ، بل هو عائد لأخ الجنرال الذي وصل إلى المدينة توّاً . سيدي لا يفضِّل هذه الأنواع ، إنما أخوه من يرغبها .

– هكذا إذاً أخوه فلاديمير إيفانوفيتش وصل إلى هنا ” يتساءل أخميلوف بمحّياً مُشرق وابتسامة تغمر وجهه : ” حسناً ، حسناً ، لم أكن أعرف ذلك . ” إذاً هو في زيارة لمدينتنا !

– نعم ، ياسيدي في زيارة ،

– حسناً ، حسناً وهذا هو كلبه ، أنا مسرور جداً خذه ! يا لهُ من كلب صغير وبارع ، سريعاً أمسك باصبع هذا الرجل ها .. ها .. ها ، لماذا ترتجف أيها الكلب الصغير .. لم تفعل شيئاً يستحق الخوف ؛ وهذا الرجل وغدٌ وشرير..

ينادي “بروخور” على الكــلب ويذهب به بينما يوجه أخميلوف تهديداتــــه إلى “كريوكين” . يحكم شدّ معطفه على جسده ثم يتخذ طريقه إلى داخل السوق يتبعه الشرطي يلدرين حاملاً الفاكهة المصادرة ..

[قصة قصيرة] بطاقة اليانصيب لانطوان تشيخوف

$
0
0
السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ ...

[قصة قصيرة] بطاقة اليانصيب لانطوان تشيخوف

$
0
0
السيد إيفان ديمتريش يجلس إلى طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا، كل يوم تذكره أم العيال السيدة الفاضلة ماشا، التي تشاركه شظف العيش، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته .العزيز إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل، في غير اكتراث واضح، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجدية التي ولجها.
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الحصيفة التي اشترت البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية. العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها، حيث تبادره قائلة .. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج، على طريقة “رجلي على رجلك” المعروفة بين الزوجات.
للكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان، حتى لحظات قليلة، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب أم العيال السفر للخارج، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟ وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج؛ عجوز لا تعرف إلا الشكوى، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ؛ في جسدها وفي ملابسها. لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟

[قصة قصيرة] بعد المسرح لانطوان تشيخوف

$
0
0
ما إن عادت نادية زيلينيا مع والدتها من المسرح، حيث شاهدتا “يفجيني أنيجين” * ودخلت غرفتها، حتى نزعت فستانها بسرعة وحلت ضفيرتها، وأسرعت بالجونلة والبلوزة البيضاء فقط فجلست إلى الطاولة لتكتب خطابا كالذي كتبته تاتيانا. وخطت : “إنني أحبك، ولكنك لا تحبني، لا تحبني”. كتبت هذا وضحكت . كان عمرها ستة عشر عاما فقط، ولم تحب أحدا بعد . وكانت تعلم أن الضابط جورني والطالب جزوديف يحبانها، ولكنها شعرت الآن بعد الأوبرا برغبة في التشكك في ذلك الحب . أن تكون غير محبوبة وتعيسة .. ما أروع ...

[قصة قصيرة] بعد المسرح لانطوان تشيخوف

$
0
0
ما إن عادت نادية زيلينيا مع والدتها من المسرح، حيث شاهدتا “يفجيني أنيجين” * ودخلت غرفتها، حتى نزعت فستانها بسرعة وحلت ضفيرتها، وأسرعت بالجونلة والبلوزة البيضاء فقط فجلست إلى الطاولة لتكتب خطابا كالذي كتبته تاتيانا.
وخطت : “إنني أحبك، ولكنك لا تحبني، لا تحبني”. كتبت هذا وضحكت .
كان عمرها ستة عشر عاما فقط، ولم تحب أحدا بعد . وكانت تعلم أن الضابط جورني والطالب جزوديف يحبانها، ولكنها شعرت الآن بعد الأوبرا برغبة في التشكك في ذلك الحب . أن تكون غير محبوبة وتعيسة .. ما أروع ذلك ! ثمة شيء ما، حين يحب الشخص بقوة ولا يكترث به الآخر، شيء جميل، ومؤثر وشاعري .

أنيجين ممتع لأنه لا يحب مطلقا أما تاتيانا فهي خلابة لأنها تحب بقوة، ولو أنهما أحبا بعضهما البعض بنفس الدرجة وكانا سعيدين لأصبحا علي الأرجح مملين . ” كف عن التأكيد بأنك تحبني ـ واصلت نادية الكتابة وهي تفكر في الضابط جورني ـ فأنا لا استطيع أن أصدقك، أنت ذكي جدا مثقف جاد ولديك موهبة كبيرة وربما كان في انتظارك مستقبل باهر، أما أنا فلا شيء يميزني فتاة لا وزن لها وأنت نفسك تعرف جيدا أنني لن أكون سوي عقبة في حياتك حقا. أنت همت بي وظننت أنك في شخصي عثرت على المثال الذي تبحث عنه، لكنها كانت غلطة والآن تسأل نفسك بيأس : ما الذي جعلني ألتقي بهذه الفتاة ؟ وطيبة قلبك فقط هي التي تمنعك من الاعتراف بذلك !…” .
أحست نادية بالإشفاق على نفسها، فبكت ومضت تكتب : ” صعب علي فراق ماما وأخي، وإلا كنت ارتديت مسوح الراهبات ومضيت أينما يمتد بي النصر .. ولأصبحت أنت حرا وأحببت فتاة غيري . آه لو كنت أموت “.

من خلال الدموع استحال تبين الكلمات المكتوبة، وتراقصت ألوان طيف قصيرة فوق الطاولة، وعلى أرضية الغرفة وعلى السقف كما لو أن نادية كانت تنظر عبر منشور، وتعذرت الكتابة فتراجعت إلى ظهر المقعد وأخذت تفكر في جورني . يا إلهي، أي سحر في الرجال، وأية جاذبية ! تذكرت نادية ذلك التعبير الرائع، المتزلف والمذنب والناعم الذي يرتسم على وجه الضابط عندما يجادلونه في الموسيقى، وأية جهود يبذلها أثناء ذلك لكيلا يرن صوته بحماسة . ففي المجتمع الذي يعتبر فيه الترفع البارد واللامبالاة دلالة على حسن التربية والأخلاق الفاضلة لابد أن تداري حماستك وهو يداريها . لكنه لا يوفق في ذلك، فالجميع يعرفون جيدا أنه يهوى الموسيقي بشغف. إن المناقشات التي لا تنتهي عن الموسيقى والأحكام الجريئة لغير الفاهمين من الناس . تجعلانه في توتر دائم فهو مفزع خجول وصموت وهو يعزف على البيانو بصورة رائعة مثل أي عازف أصيل ولو لم يكن ضابطا لكان في الغالب موسيقيا مشهورا.

وجفت دموعها، وتذكرت نادية أن جورني قد صارحها بحبه في حفل سيمفوني، ثم بعد ذلك في الطابق الأرضي بجوار المشاجب حيث هبت تيارات الهواء من جميع النواحي .
“أنا سعيدة جدا لأنك أخيرا تعرفت على الطالب جروزديف – مضت تكتب- إنه إنسان ذكي جدا ولعلك ستعجب به . كان عندنا بالأمس ومكث حتى الساعة الثانية وقد انبهرنا به جميعا وتأسفت أنك لم تأت لقد حدثنا بالكثير من الأشياء الرائعة “.
عقدت نادية يديها فوق الطاولة وأسندت إليهما رأسها فسقط شعرها وغطى الخطاب . وتذكرت أن الطالب جروزديف أيضا يحبها وأن له الحق في رسالة منها مثلما لجورني تماما.
وبالفعل أليس من الأفضل أن تكتب إلي جروزديف ؟ وبلا أية أسباب دبت البهجة في صدرها .. بدأت بهجة صغيرة تواثبت في صدرها مثل كرة من المطاط، ثم صارت أعرض وأكبر وتدفقت كالموجة .

ونسيت نادية جورني وجروزديف واختلطت أفكارها، بينما أخذت البهجة تكبر وتكبر وتنساب من صدرها إلى ذراعيها وساقيها وخيل إليها كأن نسمة رقيقة باردة هفت على رأسها فحركت شعرها . واهتزت كتفاها من الضحك الخافت . واهتزت الطاولة وزجاجة المصباح وطفر الدمع من عينها إلى الخطاب، لم يكن بوسعها ان توقف ذلك الضحك ولكي تظهر لنفسها أنها لا تضحك بدون سبب أسرعت تتذكر شيئا ما مضحكا.
– يا له من مضحك ذلك الكلب البودل !
تمتمت وقد شعرت أنها ستختنق من الضحك .
– يا له من مضحك ذلك البودل.
تذكرت كيف لاعب جروزديف، بعد شرب الشاي بالأمس، الكلب البودل مكسيم، ثم حكي لها عن بودل ذكي جدا لاحق في الفناء غرابا، فالتفت الغراب نحوه وقال :
– أنت يا أفاق !
ولم يكن الكلب يدري أن أمامه غرابا مدربا فارتبك بشدة وتراجع في حيرة ثم عاد ينبح .
– كلا، الأفضل أن أحب جروزديف
قررت نادية ومزقت الرسالة، وراحت تفكر في الطالب، في حبه وفي حبها، لكن الذي حدث أن الأفكار ساحت في رأسها فأصبحت تفكر في كل شيء : في أمها في الشارع في القلم في البيانو .

فكرت ببهجة فوجدت أن كل شيء حسن، رائع . وأوحت إليها البهجة بأن هذا ليس كل شيء بعد . وأنه عما قريب ستكون الأمور أروع . قريبا يحل الربيع، الصيف، السفر مع والدتها إلى “جوربيكي”، سيأتي جورني في فترة إجازته وسيتحول معها في الحديقة ويحيطها باهتمامه .
وسيجئ جروزديف أيضا ويلعب معها الكروكيت والكجل ويقص عليها أشياء مضحكة أومدهشة وانتابتها رغبة جارفة في أن تجد نفسها في الحديقة في العتمة تحت السماء الصافية والنجوم . واهتزت كتفاها ثانية من الضحك، وخيل إليها أن الغرفة تعبق برائحة الشيح، وأن غصنا قد احتك بالنافذة.
مشت نحو فراشها وجلست، ودون أن تدري ماذا تفعل ببهجتها التي أضنتها، نظرت إلى الأيقونة المعلقة فوق ظهر سريرها وتمتمت :
– يا إلهي ! إلهي ! يا إلهي ! .

[قصة قصيرة] زوجة الأب لانطوان تشيخوف

$
0
0
على كرسى كبير ذى مساند يعود إلى الأسلاف، جلست سيدة عجوز صغيرة الجسم. وجهها مجعد ذو لونٍ اصفر – رمادى وكأنه ليمونة معصورة. كانت تنظر إلى جانب واحد، بكآبة وارتياب، متململة فى كرسيها دون استقرار، وبين الحين والآخر ترفع إلى انفها الدقيق الشبيه بالمنقار، قنينة صغيرة تحوى أملاحاً ذات رائحة (سعوط)، وكانت تشعر بأنها متعكرة المزاج. والى جانبها وقف شاب بمظهر جذاب، اسمحوا لى أن أقدمه لكم: انه شاعر، وابن زوج السيدة العجوز الصغيرة الجسم، وكان يدور بين زوجة الأب وابن الزوج، الحديث التالي: قال الشاعر: ...

[قصة قصيرة] زوجة الأب لانطوان تشيخوف

$
0
0
على كرسى كبير ذى مساند يعود إلى الأسلاف، جلست سيدة عجوز صغيرة الجسم. وجهها مجعد ذو لونٍ اصفر – رمادى وكأنه ليمونة معصورة. كانت تنظر إلى جانب واحد، بكآبة وارتياب، متململة فى كرسيها دون استقرار، وبين الحين والآخر ترفع إلى انفها الدقيق الشبيه بالمنقار، قنينة صغيرة تحوى أملاحاً ذات رائحة (سعوط)، وكانت تشعر بأنها متعكرة المزاج. والى جانبها وقف شاب بمظهر جذاب، اسمحوا لى أن أقدمه لكم: انه شاعر، وابن زوج السيدة العجوز الصغيرة الجسم، وكان يدور بين زوجة الأب وابن الزوج، الحديث التالي:
قال الشاعر: جئت إليك بعملٍ يا أمى .. لقد كتبت رواية، ولقد أمرتنى أن أقرأ لك كل ما اكتبه. اسمحى لي، ها هى الرواية الآن….
– حسناً، سوف نقرأها…. ولكن لماذا يبدو عليك الحزن ؟ هل يعنى ذلك انك مستاء من تدخلى فى عملك ؟ هل تمانع ؟ هل أنت من ذلك النوع من الأشخاص ؟…
– ولكن، أنا مسرور يا أمي! كيف تأتى لك أن تقولى هذا ؟. لم أفكر حتي…. اخذ الشاعر نفساً عميقاً، اغمض عينيه قليلاً وبذل جهده لإظهار ابتسامة.ثم أردف: أنا مسرور جداً…. أرجو أن تحسنى إلي…. ينبغى لنا – نحن الكتـاب – أن نكون تحت رقابة ما……
– هكذا إذاً،…. هيا.. اقرأ لى ما كتبته، سأستمع لك.
بدأ الشاعر يقلب أوراقه ببطء. سعل مرتبكاً، وبدأ يقرأ:
كان صباح يوم من أيام شهر آيار الرائعة، وكان بطلى مستلقياً على الشاطئ، ينظر إلى الأمواج الهادرة، وهو يتأمل…. .
قاطعته زوجة أبيه: قف. قف.. اشطب كلمة “يتأمل”.
– ولكن لماذا ؟
– الله يعلم ماذا كان يتأمل بطلك ! ربما كان شيئاً ما يمكن….
– ولكن سأوضح لك فيما بعد، يا أمي.
– يمكن للمرء أن يستنتج الكثير من الأشياء، قبل أن تكون قد وصلت إلى إيضاحاتك…. اشطبها.
شطب الشاعر كلمة “يتأمل”، واستمر يقرأ:
وبجانبه، على الرمل، كان يضع صندوق أصباغ وقطعة قنب تمتد على إطار….
– قف. قف…. كيف يمكنك أن تكتب مثل هذا ؟ اشطب كلمة “قنب”…
– ولكن لماذا، يا أمي؟
– ألا تدل تلك الكلمة على “التصّيد” ؟ ألا يمكن أن يكون فى معنى الكلمة تلميح إلى اضطرابات فى سكك الحديد، وان تلك الاضطرابات ترتبط مباشرة بـ …..
استبدل الشاعر كلمة “القنب” بـ “قطعة قماش” واستأنف القراءة:
كان مرافقه فلاح شاب يقف على حافة الشاطئ….
– أعدها. طوحت العجوز بيديها فى الهواء، وأدخلت أرنبة انفها فى قنينة أملاح الشم. أعدها… من اجل ماذا تريد فلاحاً هنا ؟ لماذا ؟ كيف دخل فى الموضوع ؟ استبدله بشيء آخر….
– سوف استبدله بـ “ولد صغير”.
– ينبغى أن لا تفعل ذلك… إذا كان الولد الصغير يقف صباحاً على شاطئ البحر، فهذا يعنى انه ليس فى المدرسة، وهو تلميح بوجود نقصٍ فى المدارس.
مسح الشاعر حاجبه، تنهد بعمق، وواصل القراءة.
ولكن كلما توغلنا فى الغابة، كلما كانت هناك أشجار كثيفة، يتوجب قطعها. بدأت مخطوطة الشاعر تدريجياً تتغطى بخطوط سوداء، وبشطب، ونقاط، وفقدت باضطراد لونها الأبيض، وتبدلت إلى اللون الأسود. جميع الكلمات تم شطبها، عدا بعض علامات التعجب، والأرقام والقليل من ظروف الزمان والمكان. كانت العجوز تقف بالضد من علامات التعجب، لان مثل هذه العلامات، ربما كان القصد منها، زواجاً غير شرعى أو غير قانوني، يؤدى إلى اختلاط الطبقات الاجتماعية. وهى ترفض ضمائر الشخص الثالث، ذلك لان كلمة “هو” للعـاقل و”هو” أو “هي” لغير العاقل، قد تعنى أى شخص أو أى شئ: رينان، لزال، موسكو تلغراف، أو شيدرين …وهى لم ولن تسمح له بأن يستعمل “الفوارز” لأنها – حسب ظنها – تلمح إلى ….
قالت العجوز: لماذا تركت هوامش فى مخطوطتك ؟ المسافة الفارغة تعني، أن لا حصاد. اقتطعها بالمقص!.
استطاع الشاعر بطريقة ما أن يصل إلى نهاية روايته:
أعلن الشخص المسؤول، قرار المحلفين بصوتٍ مرتعش: كلا انهم ليسوا مذنبين. صفق الحاضرون للقرار. .
انتفضت السيدة العجوز واقفة على قدميها، وقد امتلأت عيناها بالرعب، ومال غطاء رأسها جانباً، لتظهر ضفيرتها التى لا ترى فى العادة.
– هل جننت ؟… هل تبرئ السفلة ؟
– لكننى افعل الشيء الصحيح! انهم ليسوا مذنبين، يا أمي.
– ليسوا مذنبين ؟ هل فقدت عقلك ؟!. مجرد كونهم لم يصغوا لأسيادهم، وكانوا وقحين، وقليلى الأدب مع مساعد المدعى العام، وسمحوا لأنفسهم بأن يتحذلقوا أمام المحكمة، ينبغى أن يجلدوا بالسياط. ألا تعلم بان التبرئة تفسد أخلاق المرء؟ وتتلف الناس!. تريد أن تقول إن الجرائم يمكن أن تمر دون عقاب! ابدلها، من فضلك!
شطب الشاعر كلا، انهم ليسوا مذنبين وكتب:
فاسيلى كلنسكي، يعاقب بالعبودية فى المناجم، لمدة غير محددة، وتعاقب زوجته، ماريا، بالعبودية فى المعامل لمدة أربعة عشر عاماً…. .
السيدة العجوز منعته من شطب صفق الحاضرون للقرار .
– الآن، أخذت روايتك شكلها الصحيح. – قالت زوجة الأب – يمكنك السماح لأى شخص بأن يقرأها.

[قصة قصيرة] قصاصة لانطوان تشيخوف

$
0
0
عندما تقاعد المستشار “كوزيروجوف” من عمله ابتاع بيتا في الريف واستقر فيه، هناك – وتقليدا لأستاذ التاريخ الطبيعي ذائع الصيت كايجرودوف – راح يكدح في الأرض التي تتمثل في حديقة البيت. حيث أدرك الموت عزيزنا كوزيروجوف صارت مذكراته وممتلكاته من نصيب مديرة منزله “مارفاييفلامميفنا” وكما يعلم الكل فإن هذه المرأة العجوز الجديرة بكل تقدير سارعت بهدم البيت لتشيد على أنقاظه فندقا يقدم لعملائه المشروبات الروحية، وخصصت إلى جانب بار الفندق حجرة لملاك الأراضي وأصحاب الأعمال ...

[قصة قصيرة] قصاصة لانطوان تشيخوف

$
0
0
عندما تقاعد المستشار “كوزيروجوف” من عمله ابتاع بيتا في الريف واستقر فيه، هناك – وتقليدا لأستاذ التاريخ الطبيعي ذائع الصيت كايجرودوف – راح يكدح في الأرض التي تتمثل في حديقة البيت.
حيث أدرك الموت عزيزنا كوزيروجوف صارت مذكراته وممتلكاته من نصيب مديرة منزله “مارفاييفلامميفنا”
وكما يعلم الكل فإن هذه المرأة العجوز الجديرة بكل تقدير سارعت بهدم البيت لتشيد على أنقاظه فندقا يقدم لعملائه المشروبات الروحية، وخصصت إلى جانب بار الفندق حجرة لملاك الأراضي وأصحاب الأعمال الذين يأتون في الغالب بحثا عن المتعة ..

كانت مذكرات كوزيروجوف على طاولة بتلك الحجرة وفي خدمة أي عميل يرغب في نزع ورقة من الدفتر ليقضي بها مصلحة
وبالمصادفة البحتة وقعت في يدي صفحة من المذكرات .. كانت تلك القصاصة تتحدث عن بعض الأنشطة التي مارسها الفقيد .. وإليكم بيانها :
3 مارس :
بدأت الهجرة الربيعية للطيور. بالأمس شاهدت العصافير .. مرحى يا صغار الجنوب ذوات الريش .. إنني من تغريدك العذب أتخيل أنني أسمع من يقول لي : – كن سعيدا يا صاحب الفخامة!
14مارس :
سألت مارفا اليوم :
– لماذا لا يكف الطاهي عن الصياح والنرفزة؟!
أجابتني : إنه يعاني من حنجرته .. قلت معارضا : إنني أعاني من حنجرتي بيد أنني لا أصرخ ..!
آه، لكم تخفى الطبيعة من أسرار!
لقد تناولت – إبان خدمتي في مدينة سان بطرسبرج – لحم الرومي بإسراف، لكنني لم أشاهد ذلك الديك الرومي إلا بالأمس .. إنه طائر مميز للغاية ..
22 مارس :
ناداني ضابط شرطة المنطقة وتناقشنا في الفضيلة.كنت جالسا وهو واقف. سألني :
– ألا ترغب يا صاحب الفخامة أن تعود شابا؟!
– مستحيل أن أفعل، فلو بدأت من جديد لما استطعت الوصول إلى مكانتي الرفيعة الحالية
فغمز لي بعينه وانصرف دون تعقيب!
16إبريل :
بيدي حفرت حوضين في حديقة البيت وزرعت الحنطة. لم أبح بالسر لمخلوق لأفاجيء مارفا التي أدين لها بالسعادة في شطر كبير من حياتي. بالأمس ونحن نشرب الشاي جأرت مارفا بالشكوى من بدانتها المفرطة التي تحول دون ولوجها من باب المخزن. قلت لها :
– على العكس يا عزيزتي فإن حجمك البديع يضفي عليك جاذبية لا يمكنني أن أقاومها. احمر وجهها فنهضت أطوقها بكلتا زراعي إذ لا تكفي لذلك ذراع واحدة!
28 مايو : شاهدني رجل معمر جالسا قريباً من الحمامات المخصصة للسيدات على ضفة النهر فسألني عن السبب فأجبته :
إنني هنا لأمنع الشباب من التطفل والتسكع ..
قال في لاتو :
– فلتكن هذه مهمتنا معا!
وجلس إلى جانبي وبدأن نتحدث عن الفضيلة!

[قصة قصيرة] كمان روتشيلد لانطوان تشيخوف

$
0
0
كانت البلدة الصغيرة، أسوأ من قرية، لا يكاد يعيش فيها سوى العجائز الذين كانوا يموتون بشكل نادر إلى حد مقلق ومثير للحيرة، وكانت الحاجة إلى التوابيت ضئيلة جداً فى المستشفى، وحتى فى السجن. وباختصار، فقد كانت الأمور فى غاية الإزعاج. ولو كان ياكوف إيفانوف حانوتيا فى مركز المحافظة لامتلك على الأرجح منزله الخاص، ونادوه بلقب ياكوف ماتفييتش، ولكنهم كانوا ينادونه، هنا فى البلدة الصغيرة، ببساطة: ياكوف. ولسبب ما كان لقبه فى الشارع “برونزا” برغم حياة الفقر والكفاف كفلاح بسيط فى بيت من بيوت الفلاحين ...

[قصة قصيرة] كمان روتشيلد لانطوان تشيخوف

$
0
0
كانت البلدة الصغيرة، أسوأ من قرية، لا يكاد يعيش فيها سوى العجائز الذين كانوا يموتون بشكل نادر إلى حد مقلق ومثير للحيرة، وكانت الحاجة إلى التوابيت ضئيلة جداً فى المستشفى، وحتى فى السجن. وباختصار، فقد كانت الأمور فى غاية الإزعاج. ولو كان ياكوف إيفانوف حانوتيا فى مركز المحافظة لامتلك على الأرجح منزله الخاص، ونادوه بلقب ياكوف ماتفييتش، ولكنهم كانوا ينادونه، هنا فى البلدة الصغيرة، ببساطة: ياكوف. ولسبب ما كان لقبه فى الشارع “برونزا” برغم حياة الفقر والكفاف كفلاح بسيط فى بيت من بيوت الفلاحين الصغيرة الحقيرة، حيث يقتصر على غرفة وحيدة يعيش فيها هو ومارفا، والمدفأة وسرير يتسع لشخصين، والتوابيت، ومنضدة نجارة، وباقى أدوات المعيشة.
كان ياكوف يصنع توابيت جيدة ومتينة. فمن أجل الرجال وصغار الملاك كان يصنعها على مقاسه، ولم يخطئ فى ذلك مرة واحدة إذ لم يكن هناك إنسان أطول وأقوى منه حتى فى السجن، برغم أنه كان قد تجاوز السبعين عاماً. ومن أجل النبلاء والنساء فقد كان يصنعها بالقياس مستخدماً من أجل ذلك مقياس الأرشين (1)، بينما كان يقبل طلبيات توابيت الأطفال على مضض، ويصنعها مباشرة دون قياس وباستخفاف شديد. وفى كل مرة عندما يتقاضى فيها نقوداً عن عمله، كان يقول: أعترف.. فأنا لا أحب العمل فى هذه التفاهات.
باستثناء الحرفة، كان عزفه على الكمان أيضاً يجلب له دخلاً غير كبير. ففى حفلات الزفاف بالبلدة كان يعزف فى العادة الأوركسترا (اليهودى) (2) الذى كان يقوده السمكرى موسى إليتش شخكيس الذى يأخذ لنفسه أكثر من نصف الإيراد. وبما أن ياكوف كان يجيد العزف على الكمان، وخصوصاً بمصاحبة الأغنيات الشعبية الروسية، فقد كان شخكيس يدعوه أحياناً للعزف فى الأوركسترا مقابل خمسين كوبيكا فى اليوم بغض النظر عن هدايا الضيوف وتبرعاتهم. وعندما كان برونزاً يجلس بين العازفين فى الأوركسترا، فإن أول ما كان يظهر عليه هو احمرار وجهه وتصبب العرق منه، إذ كان الجو حاراً، ورائحة الثوم تخنق الأنفاس، والكمان يزيق والكونترباس يشخر بجوار أذنه اليمنى، وبجوار اليسرى ينشج الناى الذى يعزف عليه (اليهودى) الأصهب الهزيل، بوجهه الذى تظلله شبكة واسعة من العروق الحمراء والزرقاء، والذى كان يحمل لقب الثرى الشهير روتشيلد. وكان هذا (اليهودى) اللعين يحول حتى أكثر الألحان مرحاً إلى كآبة وأنين، وبدون أسباب واضحة كان ياكوف متشبعاً بكره واحتقار شديدين لهؤلاء (اليهود)، وخاصة لروتشيلد. وقد بدأ ذلك بالمماحكة، ثم التجريح بالشتائم البذئية، لدرجة أنه أراد ذات مرة أن يضربه. بينما تأذى روتشيلد من ذلك، وقال من بين أسنانه ناظراً في حنق:
-لو لم أكن أحترمكم لموهبتكم، لطرتم من النافذة منذ زمن بعيد.
ثم بكى. ولذا فقلما كانوا يستعينون ببرونزا فى الأوركسترا، وكان ذلك يحدث فقط فى حالات الضرورة القصوى عندما يتغيب أحد من اليهود.
كان ياكوف فى مزاج سيئ باستمرار لأنه كان يتعين عليه دائماً أن يصبر على الخسائر الفادحة. وعلى سبيل المثال، ففى أيام الآحاد وفى الأعياد كان من الإثم أن يعمل، ويوم الاثنين يوم صعب. وبهذا الشكل يكون المجموع حوالى مائتى يوم يتعين عليه فيها أن يجلس، خلافا لإرادته، عاطلاً عن العمل، بينما فى ذلك خسارة، وأية خسارة! إذا أقام أحد ما فى البلدة عرساً بدون موسيقى، وكانت خسارة أيضاً إذا لم يدعُ شخكيس ياكوف. ولقد ظل رجل البوليس المراقب بالسجن مريضاً يعطس طوال عامين كاملين. وانتظر ياكوف بفارغ الصبر متى يموت، ولكن المراقب سافر إلى المركز للعلاج، ومات هناك. وكم كانت الخسارة إذ ضاعت على الأقل عشر روبلات، لأن الأمر اقتضى أن يصنع التابوت على نحو آخر مستخدماً نوعاً خاصاً من القماش لتزيينه. وراحت الأفكار حول الخسائر والانتكاسات تضني ياكوف وتعذبه، خاصة فى الليل. ولذا فقد وضع الكمان إلى جوار الفراش، وكلما وردت على ذهنه تُرهة ما، كان يمس الأوتار فيصدر الكمان فى الظلام صوتاً يهدئ من روعه.
وفى السادس من مايو فى العام الماضى توعكت مارفا فجأة. فراحت تتنفس بصعوبة شديدة، وشربت ماء كثيراً ثم ترنحت. وعلى الرغم من كل ذلك نهضت فى الصباح وأشعلت المدفأة بنفسها، حتى ذهبت لتملأ الماء. وقرب حلول المساء ترنحت مرة أخرى، فى حين ظل ياكوف طوال النهار يعزف الكمان. وعندما حل الظلام تماماً ، تناول الدفتر الذى يسجل فيه خسائره كل يوم. ومن جراء الملل قام بعمل إجمالى سنوى لهذه الخسائر. وكانت النتيجة أكثر من ألف روبل مما زلزل كيانه لدرجة أنه ألقى بالأوراق على الأرض وأخذ يدوسها بقدميه، ثم رفعها مرة ثانية ومزقها متنفساً بعمق وتوتر، وكان وجهه محمراً ومبللاً من أثر العرق. راح يفكر فيما إذا كان قد وضع هذه الألف روبل الضائعة فى البنك، لتراكمت الأرباح السنوية على الأقل بمقدار أربعين روبلاً. مما يعنى أن الأربعين روبلاً هذه تعتبر أيضاً خسارة. وباختصار فحيثما اتجهت وأينما كنت فليس هناك سوى الخسارة ولا شىء سواها.
-ياكوف-نادته مارفا بغتة-إننى أموت!
تطلع إلى زوجته. كان وجهها وردياً من ارتفاع درجة حرارتها، وصافيا وسعيدا بشكل غير عادى. أما برونزا المعتاد دائماً على رؤية وجه زوجته ممتقعاً شاحباً وتعيساً، فقد اعتوره الآن الحزن والارتباك. كان الأمر أشبه ما يكون بأنها ماتت بالفعل، وكانت هى راضية بذلك وسعيدة لأنها أخيراً تخرج إلى الأبد من هذا البيت القروى، ومن التوابيت ومن ياكوف نفسه.. نظرت إلى السقف وتمتمت شفتاها بشىء ما، وكان التعبير المرسوم على ملامحها ينم عن سعادة عميقة وكأنها بالفعل قد رأت ملاك الموت وتهامست معه.
كان النهار قد شقشق، وبان من النافذة كيف تلألأت شمس الصباح. عندما نظر ياكوف إلى العجوز، تذكر لسبب ما أنه طوال حياته لم يلاطفها أو يشفق عليها، ولم يفكر مرة واحدة أن يشترى لها منديلاً أو يحضر لها شيئاً ما حلواً من عرس، فقط كان يصرخ فيها، ويكيل لها الشتائم بسبب الخسائر والانتكاسات، وينقض عليها مهدداً بقبضتيه. وفى الحقيقة فهو لم يضربها أبداً، وبالرغم من ذلك فقد كان يفزعها ويخيفها، وكانت هى فى كل مرة تتجمد من الرعب. وأيضاً لم يكن يسمح لها بشرب الشاى لأنه بدون ذلك ستكون المصاريف أقل. أما هى فقد كانت تشرب فقط الماء الساخن. ولقد فهم لماذا يبدو وجهها غريباً وسعيداً، الشىء الذى أصبح بالنسبة له مرعباً.
جاء الصباح بعد طول انتظار، فاستعار حصان جاره ونقل مارفا إلى المستشفى. كان المرضى هناك قليلين، وما كان عليه الانتظار إلا قليلاً، حوالى ثلاث ساعات. ولحسن حظه لم يستقبل المرضى فى هذه المرة الدكتور الذى كان هو نفسه مريضاً، وإنما التمرجي مكسيم نيكولايتش العجوز الذى كان الجميع يتحدثون عنه فى البلدة بأنه على الرغم من كونه سكيراً وصاحب مشاكل إلا أنه يفهم أكثر من الدكتور. وبعد أن أدخل ياكوف العجوز إلى حجرة الاستقبال، قال:
-السلام عليكم. سامحونى فنحن دائماً نزعجكم يا مكسيم نيكولايتش بأمورنا التافهة، اسمحو لى أن ألفت انتباهكم.. لقد أصاب المرض أهالى(3)، رفيقة حياتى كما يقال، أعذرونى على التعبير..
قطب التمرجى حاجبيه الأشيبين، ومسد فوديه، وراح يفحص العجوز وقد تقوست على مقعد بدون مسند، هزيلة ومدببة الأنف بفم مفتوح، تشبه من جانب وجهها طائراً يهم بشرب الماء.
قال التمرجى ببطء بعد أن أخذ نفساً عميقاً:
-آ.. نعم.. هكذا.. أنفلونزا، وربما حمى، فالتيفوس منتشر الآن فى البلدة.. ماذا نفعل؟ لقد عاشت العجوز طويلاً.. الحمد لله.. كم عمرها؟
-سبعون إلا سنة واحدة يا مكسيم نيكولايتش.
-ماذا نفعل؟ عاشت العجوز طويلاً.. وآن الآوان لرحيلها.
-هذا الكلام بالطبع معقول إذا سمحتم يا مكسيم نيكولايتش (قال ياكوف هذا وهو يبتسم من باب التأدب)، ونحن شاكرون وممتنون على تفضلكم.. ولكن اسمحوا لى أن أذكركم بأن الحشرة أيضاً تريد أن تعيش أطول.
-كل شيء جائز!
ثم قال التمرجي بنبرة كما لو كان موت العجوز أو حياتها متوقفين عليه:
-إذن.. هكذا، يا ولد.. سوف تضع على رأسها كمادة باردة.. وأعطها هذا المسحوق مرتين كل يوم، ثم مع السلامة.. بانجور.
لمح ياكوف من تعبيرات وجهه، أن الحالة سيئة ولن تساعدها أى مساحيق. وكان من الواضح له أن مارفا على وشك الموت، إذ لم يكن اليوم فغداً. عندئذ دفع التمرجى من مرفقه برفق، وغمز له بعينيه، ثم قال بصوت خافت:
-ماذا لو حجمناها يا مكسيم نيكولايتش.
-اطلاقاً.. إطلاقاً يا ولد. خذ عجوزك وأذهب فى أمان الله. مع السلامة.
قال ياكوف بتضرع:
-اعملوا معروفاً.. اسمحوا لى أن أعرف.. لو افترضنا أن بطنها آلمها أو أى شىء داخلى، فعندئذ نعطيها مساحيق وقطرات. ولكن من الواضح أن عندها نزلة برد وأول شىء في حالة النزلة هو طرد الدم يا مكسيم نيكولايتش.
ولكن التمرجى كان قد استدعى المريض التالى. ودخل فعلاً إلى حجرة الاستقبال أب مع ولده، فى حين قال ياكوف عابساً:
-فىهذه الحالة علقوا لها ولو حتى ألقة!(4) لتجعلوها تصلى لله إلى الأبد!
فصاح التمرجى في سورة:
-علمنى أيضاً! يا بليد.
اغتاظ ياكوف وتضرج كلياً، لكنه لم يتفوه بكلمة واحدة، وتأبط ذراع مارفا وأخرجها من حجرة الاستقبال. ولما جلسا فى العربة، طالع المستشفى بنظرة قاسية ساخرة قائلاً:
-أجلسوكم هنا.. ممثلين! لو كان غنياً لحجمه، ولكنه يستكثر على الفقير حتى ألقة واحدة.. معاتيه مشوهون!.
عندما وصلا إلى البيت، ظلت مارفا واقفة لعشر دقائق بعد خولها ويدها على كليتها. وبدا لها أن ياكوف لو رآها مضطجعة فسوف يبدأ حديثه عن الخسائر والانتكاسات، وسينهال عليها بالشتائم متهماً إياها بالنوم وعدم الرغبة فى العمل. وتطلع ياكوف إليها فى تذمر وملل، وتذكر أن عيد الناسك يوحنا غداً، وعيد نيكولاى صاحب المعجزات بعد غد، وبعد ذلك يوم الأحد، ثم يوم الاثنين الصعب، أربعة أيام لا يجوز العمل فيها، وربما تموت مارفا فى أى منها. إذن ينبغى أن يصنع لها اليوم تابوتاً. وأخذ أرشينه الحديدى ثم استلقت هى على الفراش بينما رسم علامة الصليب، وبدأ فى عمل التابوت.
حين أصبح التابوت جاهزاً، لبس برونزا عويناته وسجل فى دفتره:
-تابوت مارفا إيفانوفنا 2 روبل و40 كوبيك.
وتنفس الصعداء فى حين كانت العجوز مستلقية طوال الوقت وهى مغمضة العينين، وفى المساء عندما حل الظلام، نادت عليه العجوز فجأة، وسألته متفرسة فيه بسعادة:
-أتتذكر يا ياكوف؟ أتتذكر.. كيف رزقنا الله قبل خمسين عاماً بطفل أشقر الشعر؟ آنذاك كنا نجلس طوال الوقت على ضفة النهر نغنى.. تحت شجرة الصفاف.
وبعد أن ابتسمت بمرارة، أضافت:
-ماتت البنت.
أجهد ياكوف ذاكرته، ولكنه لم يتسطع أبداً تذكر الطفل ولا الصفصافة فقال:
-هذا يخيل لك.
جاء القس وأجرى مراسيم الاعتراف. بعدها راحت مارفا تتمتم بأشياء غير مفهومة. وفى الصباح ماتت. قامت الجارات العجائز بغسلها وإلباسها ووضعها فى التابوت. ولكى لا يدفع ياكوف مبلغاً إضافياً للشماس تلا هو بنفسه القداس على روحها، فيما لم يأخذوا منه شيئاً عن حفر القبر لأن حارس المقابر هو الذى كان قد عمد ابنته فى الكنيسة بعد ولادتها. وحمل النعش إلى المقبرة أربعة رجال من قبيل الاحترام والتوقير، وليس من أجل النقود، وسار خلفه النسوة العجائز، والمتسولون، واثنان من المجاذيب، بينما كان المارة يرسمون علامة الصليب بورع وتقوى.. وكان ياكوف مسروراً للغاية إذ كان كل شىء محترماً ولائقاً ورخيصاً، وليس هناك ما يمكن أن يكون فيه إهانة لأحد. وفيما كان يلقى النظرة الأخيرة على جثمان مارفا المسجى فى النعش، لمس بأصابعه حافة التابوت، وفكر فى نفسه: صنعة ماهرة!
بعدما عاد من المقبرة، انتابه حزن شديد واستحوذ عليه الملل، وشعر بتوعك: كان تنفسه حاراً وثقيلاً، وقدماه ضعيفتين، وانتابته رغبة شديدة لشرب الماء. راحت الأفكار بذاكرته من جديد أنه لم يشفق عليها مرة واحدة في حياته كلها، ولم يلاطفها. وقد عاشا فى بيت واحد اثنين وخمسين عاماً مرت بطيئة، ولكن حدث على نحو ما أنه طوال هذا الوقت لم يفكر فيها، ولم يلاحظ وجودها أو يهتم بها كما لو كانت قطة أو كلباً بينما كانت كل يوم تشعل المدفأة تطبخ وتخبز تذهب لملء المياه، تقطع الأخشاب، وترقد إلى جواره فى فراش واحد. وعندما كان يعود ثملاً من الأعراس، كانت فى كل مرة تعلق كمانه على الحائط باحترام وتبجيل، وترقد فى فراشه، وكل ذلك بصمت وعلى وجهها أمارات الهيبة والاحترام.
التقى روتشيلد بياكوف فى الطريق، فابتسم له محيياً إياه بانحناءة: وقال:
-أنا أبحث عنكم يا جدى! موسى إليتش يسلمون عليكم ويدعونكم لزيارتهم حيالاً(5).
كان ياكوف فى شغل شاغل عن ذلك، وكانت لديه رغبة شديدة فى البكاء:
-دعنى!
قال ذلك وتابع سيره، بينما انزعج روتشيلد واندفع مهرولاً إلى الأمام:
-كيف يمكن ذلك؟ موسى إليتش سيغضبون! إنهم طلبوك حيالاً!
أدى إلى امتعاض ياكوف أن هذا (اليهودى) كان يلهث ويتلعثم فى كلامه، ويطرف بعينيه، ولديه نمش أحمر كثير على نحو ما، وكان من المقرف لياكوف النظر إلى سترته الخضراء المرقعة بقطع قماش قاتمة، وإلى قامته الهشة الهزيلة بكاملها.
صرخ ياكوف:
-مالك تتدخل فى شئونى يا آكل الثوم؟ دعنى وشأنى!
غضب (اليهودى) وصرخ بدوره:
-ولكن الزموا حدودكم من فضلكم، وإلا ستطيرون من فوق السياج!
زعق ياكوف واندفع نحوه مهدداً بقبضتيه:
-أغرب عن وجهى.. ألا يمكن العيش بعيداً عن الوسخ!
مات روتشيلد فى جلده من الرعب، فقرفص مذهولاً وأخذ يطوح بيديه فوق رأسه كمن يحميه من اللطمات، ثم نهض وفر هارباً، وأثناء جريه كان يقفز ويضرب كفا بكف بينما ظهره الطويل الهزيل يرتعد بوضوح. وفرح الأولاد لما حدث واندفعوا يركضون وراءه صائحين: “يهودى! يهودى!، وجرت الكلاب أيضاً خلف الجميع وهى تنبح. انطلق أحد الماء في قهقهة عالية ثم أطلق صفارة فعلا نباح الكلاب وازداد. ويبدو بعد ذلك أن أحد الكلاب قد عض روتشيلد، فقد سُمعت صرخته المرعوبة من اليأس والفزع.
راح ياكوف يتمشى فى المراعى، ثم اقترب من أطراف البلدة وأخذ يسير على غير هدى. فيما كان الأولاد يتصايحون: “برونزا قادم”! برونزا قادم! وها هو النهر حيث طائر الشنقب يتراكض مسرعاً فوق الرمال، والبطء يزعق، والشمس تلفح الوجوه، وصفحة المياه تتلألأ بلمعان أخاذ يؤذى العين. سار ياكوف فى الطريق الضيق بمحازاة ضفة النهر، ولمح كيف خرجت سيدة ممتلئة حمراء الوجنتين من حوض الاستحمام. فراح يفكر فيها: “ياه يا لك من كلب بحر!”. وبعيدا عن حوض الاستحمام كان الأولاد يصطادون السمك بلحم السرطان. ولما لمحوه راحوا يصرخون بحنق “برونزا! بروزنزا”. وها هى الصفصافة العريضة القديمة ذات التجويف الضخم وفوقها أعشاش الغربان.. وفجأة نما فى ذاكرة ياكوف طفل صغير بشعر أشقر كأنه حى يرزق، بينما كانت الصفصافة التى تحدثت عنها مارفا تقف خضراء ساكنة، وحزينة.. فكم شاخت، مسكينة! جلس تحتها وراح يتذكر.. على هذه الضفة، حيث المرج الذى تغمره الآن مياه الفيضان، كانت هناك آنئذ غابة من أشجار البتولا، وعلى الجبال الجرداء كان يتراءى على خط الأفق حرش الصنوبر العتيق الذى كان يلوح وقتذاك بزرقته بينما تسير فى النهر قوارب التنزه. أما الآن فالأمر سيان وعلى الضفة الأخرى تبدو الأرض جرداء إلا من شجرة بتولا واحدة فقط، شابة وممشوقة كفتاة بكر. وفى النهر لا يوجد إلا البط والوز، وليس فى الأمر ما يشير إلى أنه فى وقت من الأوقات كانت تسير القوارب للتنزه، ويبدو أن الوز قد صار قليلاً على عكس ما كان فى الماضى. أغلق ياكوف عينيه، فراحت تركض فى مخيلته أسراب ضخمة هائلة متقابلة من الوز الأبيض.
لم يكن يدرى كيف حدث أنه خلال الأربعين أو الخمسين سنة الأخيرة من حياته لم يذهب مرة واحدة إلى النهر. ولو كان قد حدث وذهب، فهو لم يلق بالاً إليه أبدا؟ إلا أن النهر مخلص وأمين، وليس شحيحاً ووضيعاً. وكان من الممكن ممارسة صيد السمك فيه، وبيعه للتجار والموظفين وصاحب البوفيه على المحطة، وبعد ذلك يمكن وضع النقود فى البنك. وكان من الممكن السباحة فى قارب من ضيعة إلى ضيعة، والعزف على الكمان ولدفع الناس، حينها، من مختلف الطبقات نقوداً من أجل ذلك. وكان من الممكن تجريب قياد قوارب التنزه، وهذا أفضل من صناعة التوابيت. وفى النهاية كان من الممكن تربية الوز واصطياده ثم بيعه شتاء فى موسكو، وعندئذ كان من الجائز تحصيل ما يقرب من عشر روبلات فى السنة من بيع الريش وحده. ولكنه غفل عن كل هذا ولم يفعل أى شىء منه فى حينه، ويالها من خسارة! ياه، يا لها من خسارة! ولو كانت كل هذه الأشياء معا: صيد السمك والعزف على الكمان وقيادة القوارب واصطياد الوز، فأى رأسمال كان من الممكن تحقيقه! ولكن لم يكن هناك أى شىء من ذلك حتى فى المنام. ومرت الحياة دون جدوى، بدون أية لذة، ضاعت هباء وهدراً، ولم يتبق أى شىء فى المستقبل، وإذا نظرت للوراء فهناك أيضاً لا يوجد شىء سوى الانتكاسات والخسائر، وتلك الفظائع التى تقشعر منها الأبدان، لماذا لا يستطيع الإنسان أن يعيش بحيث لا توجد هذه الخسائر؟ يا ترى من أجل ماذا قطعوا شجرة البتولا وحرش الصنوبر؟ ولماذ كف الكلأ عن العطاء؟ ومن أجل أى شئ يفعل الناس دائما كل ما هو غير ضرورى لهم؟ من أجل ماذا أمضى ياكوف حياته كلها يتشاجر ويتخاصم، ويزعق ويصرخ، يهدد بقبضتيه، ويسئ إلى زوجته. ويا ترى ما الداعى لكى يفزع (اليهودى) ويهينه الآن؟ لماذا يعرقل الناس، بشكل عام بعضهم البعض عن الحياة؟ فما أكثر الخسائر الفادحة! وما أكثر الانتكاسات البشعة من جراء ذلك! ولو لم يكن الحقد والضغينة لكان للناس من بعضهم البعض منافع عظيمة.
فى المساء وبالليل كان يتراءى له الطفل الصغير، والصفصافة، والسمك، والصيد، والوز، ومارفا تشبه من جانب وجهها طائراً يهم بشرب الماء، ووجه روتشيلد الممتقع المسكين، وسحنات ما أخرى تميل عليه من جميع الاتجاهات مدمدمة بخسائره. وراح يتقلب من جنب إلى جنب، ونهض من فراشه ما يقرب من الخمس مرات لكى يعزف على الكمان.
فى الصباح رفع جسده من الفراش بصعوبة بالغة، وذهب إلى المستشفى، أمر له مكسيم نيكولايتش بنفسه بوضع كمادة باردة على رأسه، وأعطاه مسحوقاً، ولكن ياكوف أدرك من ملامحه ومن نبرة صوته أن الحالة سيئة، ولن تنفع أى مساحيق. وبعد عودته إلى البيت أدرك أن هناك منفعة واحدة من الموت: فليست هناك ضرورة للأكل، ولا للشرب، ولا لتسديد الصدقات والإتاوات للكنيسة، ولا الإساءة للناس، وبما أن الإنسان سيرقد فى القبر ليس عاماً واحداً، وإنما مئات وآلاف السنين، فلو حسبنا المنفعة لبدت عظيمة. ومن حياة الإنسان لا يتأتى أى شىء سوى الخسارة، أما من موته فتأتى الفائدة، وهذه الفكرة بالطبع بديهية، ورغم ذلك فكل هذا مؤلم ومرير: فلماذا يوجد فى العالم ذلك النظام الغريب، حيث الحياة التى توهب للإنسان مرة واحدة فقط تمر هكذا دون جدوى؟
لم يكن مؤسفاً له أن يموت، ولكن ما إن وقعت عيناه فى البيت على الكمان حتى انقبض قلبه، وشعر بالأسى والأسف لكونه لن يستطيع أخذ الكمان معه إلى القبر، وسيبقى الآن يتيماً، وسوف يحدث معه نفس ما حدث مع غابة البتولا وحرش الصنوبر. كل شىء فى هذا العالم قد ضاع، وسوف يضيع على الدوام!
خرج ياكوف من البيت وجلس قرب العتبة وهو يضم الكمان إلى صدره بقوة. وبينما راح يفكر فى حياته الخاسرة التى ضاعت هدراً، عزف على الكمان دون أن يدرى هو ذاته ماذا يعزف. فخرج العزف حزيناً ومؤثراً وانهمرت الدموع على خديه، وكلما استغرق فى التفكير، غنى الكمان بشكل أكثر حزناً.
أصدر مزلاج الباب الخارجى صريراً، مرة ومرتين، وظهر روتشيلد فى الباحة الخارجية أمام البيت. قطع نصف المسافة بشجاعة، وما إن رأى ياكوف حتى توقف فجأة وانكمش تماماً. وراح من رعبه يصنع بيديه تلك الإشارات التى كما لو كان يود بها أن يبين على أصابعه كم الساعة الآن.
قال ياكوف بحنان داعياً إياه:
-تعال.. لا تخف.. تعال!
تطلع روتشيلد بارتياب. وبخوف أخذ يقترب، ثم توقف على بعد ساجين(6) منه. وقال مقرفصاً:
-انتم.. أعملوا معروف لا تضربونى! لقد أرسلونى موسى إليتش من جديد. قالوا لا تخف، اذهب ثانية إلى ياكوف وقل له إن الأمر بدونهم غير ممكن إطلاقاً. فيوم الأربعاء عُرش(7).. نعم.. نعم.. السيد شابوفالوف.. سيزوج ابنته لإنشان(Coolجيد. وأضاف (اليهودى) مضيقاً عيناً واحدة:
-والعُرش سيكون رغيداً.. أو.. أوو..!
قال ياكوف متنفساً بصعوبة:
-لا أستطيع.. لقد مرضت يا أخى.
وراح يعزف من جديد والدموع تطفر من عينيه وتتساقط على الكمان. وأخذ روتشيلد ينصت باهتمام مائلا نحوه بجانبه وعاقداً ذراعيه على صدره، بينما التعبير المذعور على وجهه يتحول شيئاً فشيئاً إلى شعور حزين مشفق، وجحظت عيناه كأنما يعانى من إحساس بالإعجاب المضنى. ثم تمتم وااه ه ه! وسحت دموعه ببطء على خديه وراحت تقطر على سترته الخضراء.
ظل ياكوف طوال النهار راقداً مغموماً. وبينما كان القس يحصل منه على الاعتراف فى المساء، سأله عما إذا كان قد نسى الاعتراف بذنب ما مهم. وفيما راح ينشط ذاكرته الضعيفة، تذكر من جديد وجهه مارفا الناضح بالشقاء، والصرخة المؤلمة (لليهودى) الذى عضه الكلب، ثم قال بصوت لا يكاد يسمع:
-سلموا الكما لروتشيلد.
فأجاب قس:
-حسناً.
* * *
الآن يتساءل الجميع فى البلدة: من أين لروتشيلد بهذا الكمان الجيد؟ اشتراه أم سرقه، أو من الممكن أن يكون قد حصل عليه كرهن؟ أما هو فقد ترك الناى منذ زمن بعيد، ويعزف حالياً على الكمان فقط. ومن تحت قوسه تنساب أيضاً تلك الأنغام الحزينة كما كانت تنساب آنذاك من الناى. ولكنه عندما يحاول إعادة ما عزفه ياكوف وقتما كان جالساً على العتبة، كان يخرج منه شىء يوحى بالحزن والأسى بحيث ينخرط السامعون فى البكاء رغماً عنهم، فيما كان هو فى نهاية اللحن يجحظ بعينيه متمتماً: واااه ه ه! وإذ أثارت هذه الأغنية الجديدة الإعجاب فى البلدة، فقد راح التجار والموظفون يدعون روتشيلد أثناء فترات الراحة ويرغمونه على عزفها عشرات المرات.

[قصة قصيرة] لمن اشكوا كآبتي لانطوان تشيخوف

$
0
0
غسق المساء.. ندف الثلج الكبيرة الرطبة تدور بكسل حول مصابيح الشارع التي أضيئت لتوها، وتترسب طبقة رقيقة لينة على أسطح المنازل وظهور الخيل, وعلى الأكتاف والقبعات.. والحَوذي (ايونا بوتابوف) أبيض تماماً كالشبح.. انحنى متقوسا، بقدر ما يستطيع الجسد الحي أن يتقوس وهو جالس على المقعد بلا حراك.. ويبدو أنه لو سقط عليه كوم كامل من الثلج فربما ما وجد ضرورة لنفضه……. وفرسه أيضاً بيضاء تقف بلا حراك وتبدو بوقفتها الجامدة وعدم تناسق بدنها وقوائمها المستقيمة كالعصي حتى عن قرب أشبه بحصان الحلوى الرخيص، ...

[قصة قصيرة] لمن اشكوا كآبتي لانطوان تشيخوف

$
0
0
غسق المساء.. ندف الثلج الكبيرة الرطبة تدور بكسل حول مصابيح الشارع التي أضيئت لتوها، وتترسب طبقة رقيقة لينة على أسطح المنازل وظهور الخيل, وعلى الأكتاف والقبعات.. والحَوذي (ايونا بوتابوف) أبيض تماماً كالشبح.. انحنى متقوسا، بقدر ما يستطيع الجسد الحي أن يتقوس وهو جالس على المقعد بلا حراك.. ويبدو أنه لو سقط عليه كوم كامل من الثلج فربما ما وجد ضرورة لنفضه……. وفرسه أيضاً بيضاء تقف بلا حراك وتبدو بوقفتها الجامدة وعدم تناسق بدنها وقوائمها المستقيمة كالعصي حتى عن قرب أشبه بحصان الحلوى الرخيص، وهى على الأرجح مستغرقة في التفكير؛ فمن أُنتزع من المحراث من المشاهد الريفية المألوفة وأُلقي به هنا في هذه الدوامة المليئة بالأضواء الخرافية و الصخب المتواصل والناس الراكضين لا يمكن ألا أن يفكر…..
لم يتحرك ايونا وفرسه من مكانهما منذ وقت طويل. كانا قد خرجا من الدار قبل الغداء ولكنهما لم يستفتحا حتى الأن، وها هو ظلام المساء يهبط على المدينة، ويتراجع شحوب أضواء المصابيح مفسحا مكانه للالوان الحية, وتعلو ضوضاء الشارع .
ويسمع ايونا : يا حوذي! إلى فيبورجسكا ! يا حوذي!
يتنفض ايونا ويرى، من خلال رموشه المكللة بالثلج، رجلا عسكريا في معطفه بقلنسوة. ويردد العسكري : إلى فيبورجسكايا, ماذا هل أنت نائم؟ إلى فيبورجسكايا! ويشد أيونا اللجام؛ علامة الموافقة، فتتساقط إثر ذلك طبقات الثلج من على ظهر الفرس ومن على كتفيه…..ويجلس العسكري في الزحافة، ويطقطق الحوذي بشفتيه ويمد عنقه كالبجعة وينهض قليلا ويلوح بالسوط بحكم العادة اكثر مما هو بدافع الحاجة وتمد الفرس ايضاً عنقها, وتعوج سيقانها وتتحرك من مكانها بتردد….. وما إن يمضي ايونا بالزحافة حتى يسمع صيحات من الحشد المظلم المتحرك جيئة وذهاباً: إلى أين تندفع أيها الأحمق! أي شيطان ألقى بك؟ الزم يمينك! .. ويقول العسكري بانزعاج: أنت لاتجيد القيادة! الزم يمينك!
ويسبه حوذي عربة حنطور، ويحدق أحد المارة بغضب وكان يعبر الطريق فاصطدمت كتفه بعنق الفرس وينفض الثلج عن كمه، ويتملل ايونا فوق المقعد وكأنه جالس على جمر ويضرب بمرفقيه في كلا الجانبين ويدور بنظراته كالممسوس وكأنما لا يفهم أين هو ولماذا هو هنا.
ويسخر العسكري : يا لهم جميعا من أوغاد! كلهم يسعون إلى الاصطدام بك أو الوقوع تحت أرجل الفرس.. إنهم متآمرون ضدك.. يتطلع ايونا إلى الراكب ويحرك شفتيه….يبدو أنه يريد أن يقول شيئا ما ولكن لا يخرج من حلقه سو الفحيح.
فيسأله العسكري: ماذا؟
يلوي ايونا فمه بابتسامة ويوتر حنجرته ويفح :
– أنا يا سيدي.. هذا الأسبوع ..ابني مات .
– ممم!.. مات أذن؟
يستدير ايونا بجسده كله نحو الراكب ويقول:
– ومن يدري؟ .. يبدو أنها الحمى .. رقد في المستشفى ثلاثة أيام ومات… مشيئة الله.
ويتردد في الظلام:
– حاسب يا ملعون ! هل عَميت أيها الكلب العجوز؟ افتح عينيك!
ويقول الراكب:هيا, هيا سر، بهذه الطريقة لن نصل ولا غدا. عجّل! ويمد الحوذي عنقه من جديد، وينهض قليلا ويلوح بالسوط بحركة رشيقة متثاقلة، ويلتفت إلى الراكب عدة مرات ولكن الأخير كان قد أغمض عينيه ويبدو غير راغب في الإنصات. وبعد أن أنزله في فيبورجسكايا توقف عند إحدى الحانات، وانحني متقوسا وهو جالس على مقعد الحوذي, وجَمُد بلا حراك مرة أخرى.. ومن جديد يصبغه الثلج الرطب؛ هو وفرسه باللون الابيض، وتمر ساعة وأخرى.
على الرصيف يسير ثلاثة شبان وهم يطرقعون بأحذيتهم في صخب ويتبادلون السباب؛ اثنان منهم طويلان نحفيان والثالث قصير أحدب .. ويصيح الأحدب بصوت مرتعش:
– يا حوذي إلى جسر الشرطة! ثلاثة ركاب….بعشرين كوبيكا.
يشد ايونا اللجام ويطقطق بشفتيه ليست العشرون كوبيكا بسعر مناسب ولكنه في شغل عن السعر…. فسواء لديه روبل ام خمسة كوبيات…المهم أن يكون هناك ركاب…يقترب الشبان من الزحافة وهم يتدافعون بألفاظ نابية ويرتمي ثلاثتهم على المقعد دفعة واحدة. وتبدأ مناقشة حادة من الاثنين اللذين سيجلسان ومن الثالث الذي سيقف؟، وبعد سباب طويل ونزق وعتاب يصلون إلى حل : الأحدب هو الذي ينبغي أن يقف باعتباره الأصغر.. فيقول الأحدب بصوته المرتعش وهو يثبت أقدامه ويتنفس في قفا ايونا: هيا عجل! اضربها بالسوط! يا لها من قبعة لديك يا أخي! لن تجد في بطرسبرج كلها أسوأ منها…..
فيقهقه ايونا : هذا هو الموجود….
– اسمع أنت أيها الموجود عَجّل، هل تسير هكذا طول الطريق؟ ألا تريد صفعة على قفاك؟
ويقول أحد الطويلين: رأسي يكاد ينفجر؛ شربت بالأمس أنا وفاسكا عند آل دوكماسوف أربع زجاجات كونياك نحن الاثنين.. ويقول الطويل الأخر بغضب: لا أدري ما الداعي للكذب ! يكذب كالحيوان .
– عليّ اللعنة إن لم تكن حقيقة…
– إنها حقيقة مثلما هي حقيقة أن القملة تعسل.
فيضحك ايونا: هىء هىء هىء .. سادة ظرفاء .
ـ فلتخطفك الشياطين! هل ستعجل ايها الوباء العجوز أم لا!
ـ هل هذا سير؟ ناولها بالسوط ! هيا ايها الشيطان! هيا! ناولها جيدا !
ويحس ايونا خلف ظهره بجسد الأحدب المتململ ورعشة صوته ويسمع السبابا الموجه إليه ويرى الناس فيبدأ الشعور بالوحدة ينزاح عن صدره شيئا فشيئا. ويظل الأحدب يسب حتى يغص بسباب منتقى فاحش وينفجر في السعال. ويشرع الطويلان في الحديث عمن تدعى ناديجدا بتروفنا.
ويتطلع ايونا نحوهم وينتهز فرصة الصمت فيتطلع نحوهم ثانية ويدمم:
– اصلاً أنا..هذا الأسبوع..ابني مات!
فيتنهد الأحدب وهو يمسح شفتيه بعد السعال :
– كلنا سنموت..هيا عجل عجل.. يا سادة أنا لا يمكن أن أمضي بهذه الطريقة متى سيوصلنا؟
– حسنا فلتشجعه قليلا… في قفاه !
ـ هل سمعت ايها الوباء العجوز؟ سأكسر لك عنقك! التلطف مع جماعتكم معناه السير على الأقدام….هل تسمع ايها الثعبان الشرير؟ أم أنك تبصق على كلماتنا؟
ويسمع ايونا أكثر مما يحس بصوت الصفعة على قفاه.
فيضحك هىءهىءهىء سادة ظرفاء….. ربنا يعطيكم الصحة
ويسأل أحد الطويلين: يا حوذي هل أنت متزوج؟
– أنا .. هىءهىء…. سادة ظرفاء ! لم يعد لدي الأن إلا زوجة واحدة : الأرض الرطبة؛ أي القبر ! ..ها هو ابني قد مات وانا أعيش….. شيءغريب؛ الموت أخطأ بوابته….. بدلا من أن يأتيني ذهب إلى ابني ….
ويتلفت أيونا لكي يروي كيف مات ابنه ولكن الأحدب يتنهد بارتياح ويعلن أنهم أخيرا، والحمد لله، وصلوا.. ويحصل ايونا على العشرين كوبيكا، ويظل طويلا في أثر العابثين وهم يختفون في ظلام المدخل وها هو وحيد ثانية ومن جديد يشمله السكون…. والوحشة التي هدأت قليلا تعود تطبق على صدره بأقوى مما كان وتدور عينا ايونا بقلق وعذاب على الجموع المهرولة على جانبي الشارع : ألن يجد في هذه الآلاف واحدا يصغي إليه ؟
.. ولكن الجموع تُسرع دون أن تلاحظه أو تلاحظ وحشته؛ وحشة هائلة لا حدود لها.. لو أن صدر ايونا انفجر وسالت منه الوحشة فربما أغرقت الدنيا كلها، ومع ذلك لا أحد يراها.
لقد استطاعت أن تختبئ في صَدفة ضئيلة؛ فلن تُرى حتى في وَضَح النهار…….
يلمح ايونا بوابا يحمل قرطاسا فينوي أن يتحدث إليه ويساله : كم الساعة الآن يا ولدي؟
– التاسعة.. لماذا تقف هنا .. امشِ.
يتحرك عدة أمتار ثم ينحني متقوسا ويستسلم للوحشة…. ويرى أنه لا فائدة بعد من مخاطبة الناس ولكن ما إن تمر بضع دقائق حتى يتعدل وينفض رأسه كأنما أحس بوخزة ألم حادة ويشد اللجام … لم يعد قادرا على التحمل.
ويخاطب نفسه : إلى البيت .. إلى البيت
وكأنما فهمت الفرس أفكاره فتبدأ في الركض بحماس، وبعد حوالي ساعة ونصف يكون ايونا جالسا بجوار فرن كبير قذر، وفوق الفرن وعلى الأرض وعلى الأرائك يتمدد أناس يشخرون، والجو مكتوم خانق…. يتطلع ايونا إلى النائمين، ويحك جلده ويأسف لعودته المبكرة إلى البيت ويقول لنفسه : لم أكسب حتى حق الشعير ولهذا أشعر بالوحشة، الرجل الذي يعرف عمله، الشابع هو وفرسه؛ دائما مطمئن البال..
في أحد الزوايا ينهض حوذي شاب، ويكح بصوت ناعس ويمد يديه إلى الدلو.. فيسأله ايونا:
– أتريد أن تشرب؟
– كما ترى .
– بالهناء والشفاء… أما أنا يا أخي فقد مات ابني هل سمعت؟ هذا الأسبوع في المستشفى…… حكاية!
ويتطلع ايونا ليرى أي تأثير تركته كلماته ولكنه لا يرى شيئا؛ فقط تَغطًى الحَوذي الشاب حتى رأسه وغط في النوم، ويتنهد العجوز ويحك جلده….فمثلما رغب الحوذي الشاب في الشرب يرغب هو في الحديث.. عما قريب يمر أسبوع منذ أن مات ابنه، بينما لم يتمكن حتى الآن من الحديث عن ذلك مع أحد كما يجب……… ضروري أن يتحدث بوضوح على مهل…. ينبغي أن يروى كيف مرض ابنه وكيف تعذب وماذا قال قبل وفاته وكيف مات، ينبغي أن يصف جنازته وذهابه إلى المستشفى ليتسلم ثياب الفقيد، وفي القرية بقيت ابنته أنيسيا….ينبغي أن يتحدث عنها أيضا…. وعوما فما أكثر ما يستطيع أن يروي الآن؛ ولا بد أن يتأوه السامع ويتنهد ويرثى… والأفضل أن يتحدث مع النساء، فهؤلاء وإن كن حمقاوات يوَلونْ من كلمتين.
ويقول ايونا لنفسه : فلأذهب لأتفقد الفرس…..وفيما بعد سأشبع نوماً .. يرتدي الملابس ويذهب إلى الاصطبل حيث تقف الفرس ويفكر في الشعير والدريس و الجو فعندما يكون وحده لا يستطيع أن يفكر في ابنه….يستطيع أن يتحدث عنه مع أحد، وأما أن يفكر فيه ويرسم لنفسه صورته فشيء رهيب لا يطاق…. ويسأل أيونا فرسه عندما يرى عينيها البراقيتين
– تمضغين؟ حسنا امضغي أمضغي .. ما دمنا لم نكسب حق الشعير فسنأكل الدريس…نعم أنا كبرت على القيادة، كان المفروض أن يسوق ابني لا أنا، كان حوذيا أصيلا لو أنه فقط عاش…… ويصمت ايونا بعض الوقت ثم يواصل :
– هكذا يا أخي الفرس، لم يعد كوزما أيونيتش موجودا… رحل عنا….فجأة .. خسارة.. فلنفرض مثلا أن عندك مهرا وأنت أم لهذا المهر…… ولنفرض أن هذا المهر رحل فجأة، أليس مؤسفا؟.
وتمضغ الفرس وتنصت وتزفر على يدي صاحبها، ويندمج ايونا فيحكي لها كل شيء…….

[قصة قصيرة] مسرحية الخال فانيا لانطوان تشيخوف

$
0
0
نحن* في حديقة بيت ريفي جلس فيها حول مائدة الشاي طبيب يدعى “استروف” وامرأة عجوز هي “مارينا” والطبيب رجل أعزب ساخط يشكو من الشكوى من حياته، فهو يسلخ عمره بين المرضى يعالج أدواءهم ويضمد جروحهم، نهاره مشغول بالعمل وليله مقطوع بتلبية الاستغاثات، ثم إنه بعد هذه التضحيات الجسام التي يبذلها للإنسانية لا يدري إن كان سيذكره أحد ممن أفنى شعلة حياته ليضىء لهم الحياة . وقد أتى اليوم خاصة ليعود الأستاذ “سيرياكوف” والأستاذ مريض عنيد يأبى إلا أن يشخص مرضه بنفسه، ويصر على أنه ...

[قصة قصيرة] مسرحية الخال فانيا لانطوان تشيخوف

$
0
0
نحن* في حديقة بيت ريفي جلس فيها حول مائدة الشاي طبيب يدعى “استروف” وامرأة عجوز هي “مارينا” والطبيب رجل أعزب ساخط يشكو من الشكوى من حياته، فهو يسلخ عمره بين المرضى يعالج أدواءهم ويضمد جروحهم، نهاره مشغول بالعمل وليله مقطوع بتلبية الاستغاثات، ثم إنه بعد هذه التضحيات الجسام التي يبذلها للإنسانية لا يدري إن كان سيذكره أحد ممن أفنى شعلة حياته ليضىء لهم الحياة . وقد أتى اليوم خاصة ليعود الأستاذ “سيرياكوف” والأستاذ مريض عنيد يأبى إلا أن يشخص مرضه بنفسه، ويصر على أنه مصاب بالروماتزم، في حين يؤكد الطبيب أنه مصاب بداء المفاصل!
يجلس الطبيب مفكراًَ في خواطره الحزينة، فيدخل عليه “فينتساى” شقيق زوج الأستاذ المذكور القديمة، ولا نلبث حتى يظهر لنا جلياً أنه هو الآخر يشكو من حياته ومن الأستاذ؛ أما حياته فلا أنها جافة مرة لا تحفظ له ذكرى جميلة من الماضى ولا تبشره بأمل زاهر فى المستقبل .
أما الأستاذ فلأنه قلب نظام الدار بتصرفاته وطرق حياته الشاذة، ولكن هذا إن أمكن أن يفسر لنا سخطه عليه فلا يمكن أن يكفى سبباً لبغض مر يدفنه له في صدره ويطفحه على لسانه، فإذا سمعناه يتحدث بلهفة عن زوج الأستاذ الجميلة “الجديدة” فهمنا بعض الفهم، وإذا سمعناه يتحدث عن الأستاذ متهماً إياه بإنه أفقده ربيع حياته وهو يخدعه بعلمه المزيف وقيمته التي كان يظنها في السماء وهي في أسفل الأرض، فهمنا كل الفهم. والأدهى من ذلك أن قربه من هيلانا – زوج الأستاذ – مع يأسه منها أصاباه بنكسة خلقية، فأضحى كسولاً مهملاً سكيراً، وكان نشيطاً مجدا مستقيماً.
وإذا هو في سخطه يدخل الأستاذ “سيرياكوف” وزوجه هيلانا وابنته صونيا “ابنة أخت فينتساى”، والأستاذ حديث العهد بالقرية، وهو لم يقصد إليها غلا مضطراً بدافع الفقر، وهكذا قنع بأن يقيم في هذا البيت الذي ورثه عن زوجته القديمة المتوفاة .
.. يسرع الأستاذ بالدخول إلى غرفته ويبقى الجميع يتحدثون، ويدور بينهم حوار يكشف لنا الستر عن نفوسهم. فالطبيب له مبادىء ثابتة، وهو ميال للنيات ينعى علىالإنسان كسله وجبنه، إذ يهلك الغابات ويحرقها ويحرم الوجود جمالها، ويغير على حقوق الأجيال القادمة، تلك الأجيال التي هي موضع اهتمامه وقطب آماله، أما فينتسكى “الخال فانيا” فهو على النقيض من ذلك، لا تترك غرائز السخط والهدم فراغاً في صدره لغيرها، لذا هو يسخر من الطبيب ومن الأجيال القادمة التي يعمل حسابها. فإذا تحدث إلى هيلانا أبدى لها أسفه على حياتها وأشفق بها من الكسل والملل الذين يصيبانها بسبب زوجها، وهي تضيق بحديثه ذرعا وترد عليه ساخرة:
“آه! الكسل والملل! جميع الناس يرمون زوجى بكل سوء …. وجميعهم يرعونني بعطف وحنان! لها زوج عجوز! يا لها من عاطفة ويا لى من شديدة الفهم لها! وإن كل الأمر – كما قال ستروف ـ أنك نزاع لإفناء كل شيء من غير تمييز، فكما تفنى الغابات تفنى الإنسان – وبهذا لا تبقى على ظهر الأرض أمانة أو سذاجة أو تضحية، لماذا لا تستطيع أن تلحظ امرأة غريبة بهدوء؟
لأنه تستقر في قرارة نفسك عبقرية التخريب .. ليس عندك رحمة لغابة أو شجرة أو امرأة”.
ولكنه يزوَرّ لهذه الفلسفة ولا تحفل هي بازوراره .. وتستطرد حديثها متناولة مواضيع وملاحظات شتى .. بعضها عن الريف وبعضها عن الطبيب، والبعض الآخر عن صونيا وحبها الطاهر للطبيب .. ولكن ماله هو ملاحظتها .. فإن عنده الأهم عنده هذا الحب الملتهب فهو يصرح لها به .. إلا أن أطماع حبه ضئيلة لا تتناسب مع شدة حرارته .. فهو يقنع بأن تسمح له برؤيتها، وأن تتحمل الاصغاء إليه .. ولكنه في كلامه يعلو صوته، فتحفل هي وتهمس في أذنه:
“بصوت منخفض وإلا سمعنا أحد”.
ويرد عليها بحرارة “دعيني احدثك عن حبي .. لا تهزئي بي .. وحسبى الحديث سعادة كبرى” إلا أنها تضيق ذرعاً حتى بالحديث، وتقول له وهي تختفي عن عينيه “حتى هذا ثقيل”.
في سكون الليل، وفي ساعة متأخرة منه كان “سيربرياكوف” جالساً مع زوجه لا يرمق له جفن ولا يسكن له ألم .
والأستاذ لا تقتصر آلامه علىجسمه الناحل، فإن نفسه مضطربة قلقة، وخياله طائش لا يدعه يستريح، فهو يتأفف من شيخوخته، أضعاف ما يتأفف من مرضه، وأي مرض هذه الشيخوصة؟ لقد أنهكته وجعلته بغيضاً للقلوب ثقيلاً على النفوس، لا يذكره لسان إلا بالسخط عليه ولاشكوى منه، وهذه زوجة أقرب الناس إليه تجزع من شكواه المتكررة وتضيق ذرعاً بأناته وثرثرته. وهو – إلى كل ذلك – فقير يتألم من الفقر، ويتحسر على جهده العلمي الضائع، وعلى الشهرة التي نشدها فما استجابت له، فإذا دخلت ابنته لم يلق منها إلا اللوم، وهي تلومه من أجل الطبيب الذي تحبه والذي يضايقه بعناده. وبينا هو موزع بين هذه الخواطر المؤلمة بدخل الخال “فانيا” ويلح في أن تنصرف هيلانا وصونيا ليناما، على أن يسهر هو معه! ويصرخ الأستاذ فزعاً، إذ كيف يمكن أن يبقى مع من يمقته مقتاً ذريعاً؟ .. فإذا ترفقت به الأم مارينا وأظهرت له ألحانا سار معها طائعاً إلى غرفة نومه كالطفل الغرير، وتخرج كذلك صونيا.
ويبقى فينتسكى مع هيلانا، ويجدها متبرمة بحياتها تتألم لحال زوجها الذى لا يأمن لها، وتشكو من ابنة زوجها التي تخاصمها لأوهى الأسباب وتتأفت من أمه التي تتكبر على الجميع لما تحبه في نفسها من قوة الفهم وسعة الثقافة، وتلومه هو على كرهه المفرط زوجها. ما هذه البغضاء القاتلة؟ حقا إن العالم لا تهدد طمأنينته الميكروبات والمجرمون، نصف ما تهدده البغضاء. ثم إنها تطلب منه أن يصلح من أمر هذا البيت المشوه!
هو! ولكن كيف يفعل ذلك وهو لا يدري كيف يصلح من أمر نفسه؟ وبينما هي تحادثه ينفضح أمامها وتلاحظ أنه سكران سكراً خفيفاً، وعلىكل حال فهو لا ينكر نقائصه وعيوبه، ولكنه من جهة أخرى يعلن في غير ما حرج أن حبها هو المسئول عن كل ذلك .. وتضيق بحديث حبه فتخرج.ويجلس هو إلى نفسه يحاسبها: كيف أنها عبدت هذا الأستاذ في الماضي عبادة بطل من الأبطال؟
وكيف أنها بذلت عن رضاء خيرها فيها في سبيل خدمته وتوفير الراحة له؟ … ويقطع الطبيب عليه حبل تفكيره9 بدخوله وهو يهذى في سكره، ويتهم الخال فانيا بحب زوج الأستاذ .
وينصرم حبل الجدل بينهما إذ تقبل عليها صونيا، وتندفع الفتاة تلوم خالها على سكره وقد كان مستقيماً فاضلاً، ولكنها تخفف من غلوائها إذ ترى الدمع يلمع في عينيه .. وتسمع صوته الضعيف يقول لها، “آه لو .. لو كنت تعرفين”؟
وتسأله في لهفة: “ماذا يا خال إذا كنت أعرف”؟ ويرد عليها وهو يهم بالخروج “انه لمؤلف .. أنه لقبيح .. لا شيء .. سأقول لك فيما بعد .. لا شىء .. أني ذاهب”!
وتلتفت إلى الطبيب تلومه لوماً خفيفاً على سكره .. وتقول له إذا كان يجب البناء وينعي على الإنسان تخريبه مخلوقات الله الجميلة، فكيف يسمح لنفسه بأن يفنى جمسه وهو هبة من الله بالخمر والعربدة؟ وتحنو عليه وتحدثه .. بل تلمح إلى حبها، ولكنه يصدمها صدمة قاسية، فإذا سألته ماذا يفعل لو كانت له أخت تحبه؟
أجباها بأنه ليس له في الحب مجال .. ويختفي من أمام عينيها، وهكذا تصدع قلبها بمثل ما تصدع به قلب خالها في نفس المكان، إلا أن نفسها لا يعلق بها ما يعلق بنفسه من السخط والبغض .
.. وتدخل عليها هيلانا وتتصافحان وتتصافيان وينساق بينهما الحديث فتؤكد هيلانا للفتاة أنها لم تتزوج أباها طمعا في شىء وإنما حباً فيه، فقد كانت تحبه كما يحب الإنسان عالماًُ من العلماء، وظنت أن هذا الحب كفيل بتوفير السعادة لها كزوجة له فخاب أملها. وهي تعترف بأنها ليست سعيدة، وتصرح لصونيا – رداً على سؤالها – إنها تود لو كان لها زوج شاب .. ثم تتحدثان عن الطبيب في إعجاب .. والظاهر أن الحديث أهاج عواطف هيلانا بحيث أحست رغبة للعزف على البيانو، ولكن زوجها لم يسمح لها بذلك فلم تفعل.

نحن في غرفة جمعت الخال فانيا وهيلانا وصونيا .. وهيلانا لاتني عن التذمر والشكوى، وصونيا تنصح لها بالعمل فهو الدواء الشافي للملل والضجر .. وتقول إن العطلة والملل معديان وإنهما فقد انتقلا منها إلى خالها وإليها وإلى الطبيب، وهنا يخرج فانيا ليقطف لها باقة من الزهور، وفي خلوة المرأة بالفتاة تعترف لها هذه بحبها للطبيب .. ما العمل؟ إنها تشك في مبادلته لها الحب، ولولا حرصها على تعلة أمل لحاولت معرفة الحقيقة.
وتقترح هيلانا عليها أن تحاول معرفة ما في صدر الرجل، فإن كان حباً لها كان بها، وإن كان جفافاً اضطرته إلى أن يعدل عن غشيان الدار بتاتاً، وتوافقها الفتاة بقلب خفاق، وتقصد هيلانا غلى الطبيب وهي تحمل هذه النية ولعلها تحمل معها عاطفة أخرى تغيها على التحدث إليه!.. وينكشف لها الأمر فإذا الطبيب لا يميل للفتاة .. فلما تقترح عليه العدول عن المجىء يرفض! ويفوه بتصريحات لعلها كانت تتوقعها جميعاً .. فهو الآخر يحبها ويريد منها أن تلتقي به في خلوة .. ولكنها ترد عليه رداً لم يدل على نفور وربما لم يدل على عدم ميل .. ويلح عليها، بينما الخال فانيا يقف بالباب يشاهد ويسمع، فإذا دخل غير الطبيب الحديث في اضطراب، وخرج لا يلوى على شىء!
وتستغيث هيلانا بفانيا وتلح عليه أن يحمل زوجها على الرحيل لأنها ما عادت تطيق جو هذا البيت ولكنه لا يأبه بها ويكتفي بأن يقول لها أنه شاهد وسمع.
ويدخل الأستاذ ومعه حماته القديمة “أم فينتسكى” ويعرض اقتراحاً ببيع البيت والأرض ويشتري بثمنهما “فيللا” في فنلندا، فيتصدى له الخال فانيا معترضاً ويثور عليه، ويتهمه بإفساد حياته أيام كان مخدوعاً في علمه، مثبتاً له، ويقرأ له ويعمل يومه من أجله … والآن ها هو ذا يحاول طرده من البيت الذي كان له أكبر الفضل في وجوده، ويزداد هياجه فيحاول قتل الأستاذ … إلا أنه لحسن الحظ لم يفلح .. وبعد كل ذلك تصرخ هيلانا وتقول إنها تؤثر الموت على مثل هذه الحياة في هذا المكان .. فيزمع الأستاذ الرحيل.

يدخل الخال “فانيا مضطراً ويسرع خلفه الطبيب استروف، ونفهم مما يدور بينهما أن الخال اختلس منه بعضاً من المورفين ليقضي على حياته، والطبيب يقول له إذا أردت الموت فأمامك الغابات، فاقض علىنفسك بما أنت قاض، ولكن رد إلى المورفين أولاً حتى لا أتهم في قتلك” والآخر يمانع في ذلك أشد الممانعة .. وهو يحرق الأرم لأنه فشل في قتل الأستاذ ويتألم أشد الألم لأنهم لم يقدموه إلى المحاكمة اعتقاداً منهم في حماقته.
.. أيحسب هو من الحمقى ولا تحسب منهم تلك المرأة التي تتزوج من عجوز وتخونه مع طبيب؟ والطبيب يسمع كل ذلك ولكنه لا يحفل به فهو غارق في اليأس إلى قمة رأسه .. وعندما يهم بانذار الخال فانيا باستعمال القوة إذا لم يرد له المورفين تدخل صونيا ولا تلبث أن تفهم ما هنالك وتراع له، وكانت إلى ذلك مجروحة الفؤاد بعد أن علمت بانصراف قلب الطبيب عنها، إلا أنها بالرغم من ذلك كله تقبل على خالها تهدىء من خواطره وتلح عليه أن يرد للطبيب المورفين وتعزيه بأنها ليست أقل شقاء ولكنها أجلد وأشد صبراً .. أمامهما العمل .. وفي العمل عزاء وسلوى فإذا اقتنع ورد السم للرجل وسحبته من يده إلى أبيها لتصلح ما بينهما من الأمر.
وتدخل هيلانا على الطبيب وهو منفرد .. هي راحلة .. وينتهي كل شيء ويلحق بعالم الأحلام .. فقط توج ألا يذكرها بسوء وأن ينظر إَليها نظرة لا تعلو ولا تسفل .. عن حقيقة أمرها .. ويحدثها هو عما بثته فيهم جميعاً من حب العطلة واليأس .. ولكن الوقت لا يتسع لذلك فهي راحلة، وهنا لا يتمالك أن يهوى على خدها بشفتيه .
.. ولم تمانع ولم تفكر في الممانعة، فرن ساعة الوداع كالنوم المغناطيسي تكشف الخبايا وتبطل الإرادة .. وهي تتلفت يمنة ويسرة .. ثم تمنحه قبلة .. ولو مرة في العمر! انتهى كل شيىء! ها هو ذا الأستاذ سيربرياكوف يصافح فانيا وقد تصافيا .. وها هو ذا يغيب مع زوجة الجميلة .. ويخرج بعده الطبيب .. ويخلو الحديقة من أزهارها .. وتعود الفتاة وخالها إلى العمل .. إلا أنه لا يقاوم دمعة .. فتعزيه وتهون عليه وتقول له وهي تغالب ألما أشد من ألمه: سوف تستريح وسوف نصغى إلى الملائكة .. سنشاهد السماء كلها في بهاء .. وسنرى الشر والألم يغمرهما حنان يملأ الوجود وتمشى حياتنا هادئة ناعمة رغدة .. أني أؤمن بذلك يا خال. أني أومن بذلك .. أنك لم تذق لذة في حياتك، ولكن صبرا يا خال فانيا صبرا! فسوف نستريح .. سوف نستريح”.

[قصة قصيرة] نشوة لانطوان تشيخوف

$
0
0
منتصف الليل بعينين متوحشتين وشعر أشعث ، اقتحم ميتيا كلداروف شقة والديه ودخل جميع الغرف بعنف كان والده و على وشك أن يأويا إلى فراشهما وكانت أخته قد آوت فعلا الى فراشها وهى فى الصفحة الأخيرة من روايتها وكان إخوانه التلاميذ نائمين – من أين أتيت؟ – سأله والداه متعجبين … هل أصابك مكروه ؟ آه , لا أدرى أين ابدأ , أنا منذهل , منذهل تماما! انه شئ لا يصدق بتاتا انفجر ميتيا ضاحكا وتهاوى على كرسى ذى ذراعين وقد غلبة السرور شئ لا يصدق ! لن تصدقوه أبدا . انظر الى هذا قفزت أخته من فراشها ...

[قصة قصيرة] نشوة لانطوان تشيخوف

$
0
0
منتصف الليل بعينين متوحشتين وشعر أشعث ، اقتحم ميتيا كلداروف شقة والديه ودخل جميع الغرف بعنف كان والده و على وشك أن يأويا إلى فراشهما وكانت أخته قد آوت فعلا الى فراشها وهى فى الصفحة الأخيرة من روايتها وكان إخوانه التلاميذ نائمين
– من أين أتيت؟
– سأله والداه متعجبين
… هل أصابك مكروه ؟
آه , لا أدرى أين ابدأ , أنا منذهل , منذهل تماما! انه شئ لا يصدق بتاتا
انفجر ميتيا ضاحكا وتهاوى على كرسى ذى ذراعين وقد غلبة السرور
شئ لا يصدق ! لن تصدقوه أبدا . انظر الى هذا
قفزت أخته من فراشها وهرعت إليه وقد لفت نفسها بالبطانية . واستيقظ التلاميذ
هل حدث مكروه ؟ تبدو فظيعا
أنا سعيد جدا يا أمي . هذا هو السبب . الان كل الناس فى روسيا يعرفون عنى . كلهم . حتى الان , كنت تعرفون بوجود كاهن من الدرجة الرابعة عشرة ديميترى كلداروف , أما الان فالكل فى روسيا يعرفوننى . يا إلهي , . يا أماه
قفز ميتيا وقفا وجال راكضا فى كل غرفة ثم عاد فجلس ثانية
– ألن تخبرنا بماذا حدث , بربك
– آه ، إنكم تعيشون هنا كالبهائم إنكم لا تقرأون الصحف، ليس عندكم اى فكرة عما يحدث ، والصحف مليئة بمثل هذه الأشياء الجديرة بالاهتمام . حال حدوث أي شئ ، يعلنونه للناس جميعا ، تجدونه مكتوب هناك بوضوح . يا الهى أنا سعيد جدا المشاهير من الناس فقط تظهر أسماؤهم فى الصحف ، ثم فجاءة يذهبون ويطبعون قصة عنى
– ماذا ؟ أين
شحب لون الأب . رفعت الأم بصرها الى الأيقونة ورسمت علامة الصليب على نفسها . قفز التلاميذ خارجين من أسرتهم وركضوا الى أخيهم الأكبر ولم يكن يغطى أجسامهم سوى قمصان نومهم الصغيرة والقصيرة
– لقد فعلوا ذلك عنى . أنا الان معروف فى كل أنحاء روسيا . احتفظوا بهذه النسخة ، يا أمي ، ونستطيع الان أن نخرجها بين وقت واخر ونقرأها . انظروا
سحب ميتيا الصحيفة من جيبه وسلمها الى والده وغرز إصبعه على عبارة محاطة بقلم ازرق
– اقرأها بصوت عال
وضع الأب نظارته على عينيه
– هيا اقرأ
رفعت الأم نظرها الى الأيقونة ورسمت علامة الصليب على نفسها
تنحنح الأب ثم بدأ
– فى التاسع والعشرين من كانون الأول ، وفى الساعة الحادية عشر مساء ، كان الكاهن من الدرجة الرابعة عشر ديميترى كلداروف
-رأيتم؟ رأيتم؟ استمر يا أبى
– … كاهن من الدرجة الرابعة عشر ، ديميترى كلداروف ، وهو خارج من الحانة الواقعة فى الطابق الأرضي من عمارات كوسخين فى شارع برونايا الصغيرة وفى حالة من السكر ــ
– كنا أنا وسيميون بتروفيتش . لقد ذكروا كل التفاصيل استمر والان استمعوا الى هذا الجزء من القصة
ولما كان فى حالة من السكر زلت قدمه وسقط أمام حصان العربة الذى يعود الى ايفان كنوتوف وهو فلاح من قرية بميكينو فى مقاطعة ينوف ، الذى كان واقفا فى تلك البقعة . إن الحصان الخائف بعد أن داس على كلداروف وجر فوقه الزلاقة التى كان يجلس فيها ايفان لوكوف وهو تاجر من الصنف الثانى فى موسكو اندفع نازلا الى الشارع ، الا ان بعض مستخدمى الزريبة امسكوا به قبل فراره . ولما كان كلداورف لأول وهلة فى حالة من فقدان الوعى اخذ الى مركز الشرطة وقام الطبيب بفحصه . إن الضربة التى تلقاها كانت على مؤخرة رأسه ــ
– لقد ارتطمت رأسي بعريش العربة ، يا أبى استمر ، اقرأ الباقى
_ …… التى تلقاها على مؤخرة رأسه ، اعتبرت على انها سطحية . وقد كتبت الشرطة تقريرا بخصوص هذا الحادث. وأعطيت الإسعافات الطبية للمصاب ــ
– لقد مسحوا مؤخرة رأسى بالماء البارد انتهى؟ والان ماذا تقولون فى ذلك ، ها ؟ سينتشر هذا فى كل أنحاء روسيا ، الان . أعطني إياها
يختطف ميتيا الصحيفة ويدسها فى جيبه
– يجب أن أسرع واريها لآل ماكروف . ثم لآل ايفانتسكى ونتاليا ايفانوفا ، وانيسيم فاسيليتش لا استطيع الانتظار . وداعا
لبس ميتيا قلنسوته الرسمية مع عقدة شريطها ، وركض خارجا إلى الشارع وقد غمره الشعور بالثقة والسعادة والانتصار..

[قصة قصيرة] وفاة موظف لانطوان تشيخوف

$
0
0
ذات مساء رائع كان إيفان ديمتريفيتش تشرفياكوف، الموظف الذي لا يقل روعة، جالسا في الصف الثاني من مقاعد الصالة، يتطلع في المنظار إلى ” أجراس كورنيفيل” . وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة . وفجأة … وكثيرا ما تقابلنا “وفجأة” هذه في القصص . والكتاب على حق، فما أحفل الحياة بالمفاجآت ! فجأة تقلص وجهه، وزاغ بصره، واحتبست أنفاسه .. وحول عينيه عن المنظار وانحنى و … أتش !!! عطس كما ترون . والعطس ليس محظورا على أحد في أي مكان . إذ يعطس الفلاحون ورجال الشرطة، بل وحتى ...

[قصة قصيرة] وفاة موظف لانطوان تشيخوف

$
0
0
ذات مساء رائع كان إيفان ديمتريفيتش تشرفياكوف، الموظف الذي لا يقل روعة، جالسا في الصف الثاني من مقاعد الصالة، يتطلع في المنظار إلى ” أجراس كورنيفيل” .
وراح يتطلع وهو يشعر بنفسه في قمة المتعة . وفجأة … وكثيرا ما تقابلنا “وفجأة” هذه في القصص . والكتاب على حق، فما أحفل الحياة بالمفاجآت ! فجأة تقلص وجهه، وزاغ بصره، واحتبست أنفاسه .. وحول عينيه عن المنظار وانحنى و … أتش !!! عطس كما ترون . والعطس ليس محظورا على أحد في أي مكان . إذ يعطس الفلاحون ورجال الشرطة، بل وحتى أحيانا المستشارون السريون .
الجميع يعطس، ولم يشعر تشرفياكوف بأي حرج، ومسح أنفه بمنديله، وكشخص مهذب نظر حوله ليرى ما إذا كان قد أزعج أحدا بعطسه . وعلى الفور أحس بالحرج . فقد رأى العجوز الجالس أمامه في الصف الأول يمسح صلعته ورقبته بقفازه بعناية ويدمدم بشيء ما . وعرف تشرفياكوف في شخص العجوز الجنرال بريزجالوف الذي يعمل في مصلحة السكك الحديدية . وقال تشرفياكوف لنفسه : ” لقد بللته . إنه ليس رئيسي بل غريب، ومع ذلك فشيء محرج . ينبغي أن أعتذر”.
وتنحنح تشرفياكوف ومال بجسده إلى الأمام وهمس في أذن الجنرال :
– عفوا يا صاحب السعادة، لقد بللتكم ..لم أقصد .
– لا شيء ، لا شيء .
– أستحلفكم بالله العفو . إنني .. لم أكن أريد !
– أوه، اسكت من فضلك ! دعني أصغي !
وأحرج تشرفياكوف فابتسم ببلاهة وراح ينظر إلى المسرح، كان ينظر ولكنه لم يعد يحس بالمتعة . لقد بدأ القلق يعذبه . وأثناء الاستراحة اقترب من يريزجالوف وتمشى قليلا بجواره، وبعد أن تغلب على وجله دمدم :
– لقد بللتكم يا صاحب السعادة .. اعذروني .. إنني لم أكن أقصد أن …
فقال الجنرال :
– أوه كفاك ! أنا قد نسيت وأنت ما زلت تتحدث عن نفس الأمر !.. وحرك شفته السفلى بنفاد صبر .
وقال تشرفياكوف لنفسه وهو يتطلع إلى الجنرال بشك : ” يقول نسيت بينما الخبث يطل من عينيه . ولا يريد أن يتحدث . ينبغي أن أوضح له أنني لم أكن أرغب على الإطلاق .. وأن هذا قانون الطبيعة، وإلا ظن أنني أردت أن أبصق عليه .. فإذا لم يظن الآن فسيظن فيما بعد ! …” .
وعندما عاد تشرفياكوف إلى المنزل روى لزوجته ما بدر عنه من سوء تصرف . وخيل إليه أن زوجته نظرت إلى الأمر باستخفاف فقد جزعت فقط، ولكنها اطمأنت عندما علمت أن بريزجالوف “غريب” .
وقالت : – ومع ذلك اذهب إليه واعتذر وإلا ظن أنك لا تعرف كيف تتصرف في المجتمعات .
– تلك هي المسألة ! لقد اعتذرت له، لكنه … كان غريبا .. لم يقل كلمة مفهومة واحدة، ثم إنه لم يكن هناك متسع للحديث .
وفي اليوم التالي ارتدى تشرفياكوف حلة جديدة، وقص شعره وذهب إلى بريزجالوف لتوضيح الأمر .. وعندما دخل غرفة استقبال الجنرال رأى هناك كثيرا من الزوار ورأى بينهم الجنرال نفسه الذي بدأ يستقبل الزوار . وبعد أن سأل عدة أشخاص رفع عينيه إلى تشرفياكو . فراح الموظف يشرح له :
– بالأمس في “أركاديا” لو تذكرون يا صاحب السعادة عسطت و .. بللتكم عن غير قصد .. اعذر ..
– يا للتفاهات .. الله يعلم ما هذا ! – وتوجه الجنرال إلى الزائر التالي – ماذا تريدون ؟
وفكر تشرفياكوف ووجهه يشحب : ” لا يريد أن يتحدث أذن فهو غاضب .. كلا لا يمكن أن أدع الأمر هكذا … سوف أشرح له …”
وبعد أن انتهى الجنرال حديثه مع آخر زائر واتجه إلى الغرفة الداخلية، خطا تشرفياكوف خلفه ودمدم :
– يا صاحب السعادة ! إذا كنت أتجاسر على إزعاج سعادتكم فإنما من واقع الإحساس بالندم ! . لم أكن أقصد، كما تعلمون سعادتكم ! .
– فقال الجنرال وهو يختفي خلف الباب :
– إنك تسخر يا سيدي الكريم !
وفكر تشرفياكوف : “أية سخرية يمكن أن تكون ؟
ليس هنا أية سخرية على الإطلاق ! جنرال ومع ذلك لا يستطيع أن يفهم ! إذا كان الأمر كذلك فلن أعتذر بعد لهذا المتغطرس . ليذهب إلى الشيطان ! سأكتب له رسالة ولكن لن آتي إليه . أقسم لن آتي !”.
هكذا فكر تشرفياكوف وهو عائد إلى المنزل . ولكنه لم يكتب للجنرال رسالة . فقد فكر ولم يستطع أن يدبج الرسالة . واضطر في اليوم التالي إلى الذهاب بنفسه لشرح الأمر ..
ودمدم عندما رفع إليه الجنرال عينين متسائلتين :
– جئت بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم . بل كنت أعتذر لأني عطست فبللتكم … ولكنه لم يدر بخاطري أبدا أن أسخر وهل أجسر على السخرية ؟ فلو رحنا نسخر فلن يكون هناك احترام للشخصيات إذن …
– وفجأة زأر الجنرال وقد أربد وارتعد :
– اخرج من هنا !!
فسأل تشرفياكوف هامسا وهو يذوب رعبا :
– ماذا ؟
فردد الجنرال ودق بقدمه :
– اخرج من هنا !!
– وتمزق شيء ما في بطن تشرفياكوف . وتراجع إلى الباب وهو لا يرى ولا يسمع شيئا . وخرج إلى الشارع وهو يجرجر ساقيه .. وعندما وصل آليا إلى المنزل استلقى على الكنبة دون أن يخلع حلته … ومات .

جميع افلام انمي انيوشا inuyasha للتحميل والمشاهدة بروابط مباشرة

$
0
0
جميع افلام انمي انيوشا inuyasha للتحميل والمشاهدة بروابط مباشرة   الفلم الاول inuyasha  ✲ الأسم بالإنجليزي ✲---Love That Transcends Time ✲ الأسم بالعربي ✲---الحُب الذي يتجاوز الوقت ✲ الأسم بالياباني ✲---愛の時間を超越 ✲ الكاتب ✲---Rumiko Takahashi ✲ الموسيقي ✲---Kaoru Wada ✲ التصنيف ✲---خيال ، قتال ، إثارة ، دراما ، كوميديا ، رومانسي ، قوى خارقة ، تاريخي ✲ العمر المناسب للمشاهدة ✲---17+ ✲ سنة الإنتاج ✲---22 - 12 - 2001 ...

جميع افلام انمي انيوشا inuyasha للتحميل والمشاهدة بروابط مباشرة

$
0
0

جميع افلام انمي انيوشا inuyasha للتحميل والمشاهدة بروابط مباشرة

  الفلم الاول inuyasha 












✲ الأسم بالإنجليزي ✲---Love That Transcends Time



✲ الأسم بالعربي ✲---الحُب الذي يتجاوز الوقت



✲ الأسم بالياباني ✲---愛の時間を超越



✲ الكاتب ✲---Rumiko Takahashi



✲ الموسيقي ✲---Kaoru Wada



✲ التصنيف ✲---خيال ، قتال ، إثارة ، دراما ، كوميديا ، رومانسي ، قوى خارقة ، تاريخي



✲ العمر المناسب للمشاهدة ✲---17+



✲ سنة الإنتاج ✲---22 - 12 - 2001
















رؤابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط التحميل 

الفلم مقسم الئ جزئين 

الجزء الاول


-------------------------------------------------------------

الجزء الثاني 


--------------------------------------------------------------------------------------------------------------



الفلم الثاني inuyasha











الأسم بالعربي :قلعة ما وراء المرآة

الأسم بالياباني : 映画犬夜叉 鏡の中の夢幻城

الأسم بالإنجليزي : The Castle Beyond the Looking Glass









يخوض ( إنوياشا ) و رفاقة معركة حاسمة ضد عدوهم اللدود ( ناراكو )
و بجهود الجميع ينجحون بقتل ( ناراكو ), و بذلك اختفى نفق الريح من على راحة يد ( ميروكو ) لذلك ظن الجميع أنه حان الوقت لينعموا بحياة هانئة
و لكن بسبب موت ( ناراكو ) قامت ( كاجرا ) و ( كانا ) بتحرير [ اميرة القمر الملعونة ] و التي قد خُتِم عليها بداخل [ عالم المرايا ] و تدعى ( كاجويا ) لأنها و كما ادعت قادرة على إعطاء ( كاجرا ) الحرية الأبدية
و لكن تتضح نواياها و هي رغبتها في إقاف الزمن و جعل العالم يعيش في ليلاً أبدي















رؤابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط التحميل


Glufup - Mega - Googledrive



--------------------------------------------------------------------------------------------------------------




الفلم الثالث inuyasha













الأسم بالعربي : سيوف فخامة الحاكم


الأسم بالياباني : 映画犬夜叉天下覇道剣の



الأسم بالإنجليزي : Swords of an Honorable Ruler














في البداية يحكي هذا الفلم الاحداث التي وقعت عند ولادة ( إنوياشا ).

يظهر سيف شيطاني يسمى ( سونجا ) في العصر الحديث و هو السيف الثالث لوالد ( إنوياشا ) و الأكثر قوة من ( التتسايجا ) و ( التنسيجا )

هناك قوة عظيمة خُتِمت داخل ( السونجا ), إن حمل إنسان هذا السيف فستكون نهاية العالم

و تحاول قوة السيف الشيطانية الإستحواذ على ( إنوياشا ) ولكنه يبذل قصارى جهده للمقاومتها
و اخيراً يعود السيف للعصر الإقطاعي و في ذلك يتم إطلاق العنان لقوة ( السونجا ) المطلقة
واجب ( إنوياشا ) الآن هو أن يثبت تفوقه على والده بتدمير شيطان الـ( سونجا ) و إلا فإن السيف سيلتهم روح ( إنوياشا ) و كل من في القرية





















رؤابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط التحميل




Glufup - Mega - Googledrive




--------------------------------------------------------------------------------------------------------------

الفلم الرابع inuyasha





















الأسم بالعربي : إطلاق النيران في الجزيرة المخفيّة

الأسم بالياباني : 映画犬夜叉紅蓮の蓬莱島

الأسم بالإنجليزي : Fire on the Mystic Island







جزيرة غامضه تظهر فجأة و تختفي فجأة, كان يعيش فيها الشياطين و البشر بسلام

ذهب ( إنوياشا ) بصحبة ( كيكيو ) إلى هذه الجزيرة قبل 50 عاماً و ختفت الجزيرة بعد ذلك, و لكن تعاود الجزيرة الظهور مجدداً

كما تظهر فتاه شيطانية تطلب من ( إنوياشا ) مساعدة إخوتها في الجزيرة

في حين تظهر علامات غريبة على ظهر ( إنوياشا ) و ( سيشومارو ) تُحتّم عليهما القتال جنباً إلى جنب في معركة لا يمكن إيقافها إلا بالنصر












[size]


رؤابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط التحميل[/size]





Glufup - Mega - Googledrive




--------------------------------------------------------------------


في امان الله

لعبة ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ - افضل لعبة بالعربية تلعب على المتصفح أونلاين بلاتحميل

$
0
0
لعبة ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ - افضل لعبة بالعربية تلعب على المتصفح أونلاين بلاتحميل ... ما فجر معركة؟ فجر المعركة هو متعددة يضم ثلاثة أنواع من العوالم الأخرى مع الآلاف من اللاعبين الحقيقيين. هو مبني كليا في اللعبة فلاش . الحرة الميديا ​​اللعبة على التنزيلات . تبدأ كزعيم للمستعمرة صغيرة، ومن خلال استراتيجية والدبلوماسية والمهارة عليك توسيع القاعدة على مدى العالم بأسره. تأسيس مستعمرة الخاص، وتوسيع حدودك، وبناء جيش عظيم. سوف يخدعوا مناورة والخروج - أعدائك، وإقامة صداقات طويلة الأمد ...

لعبة ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ - افضل لعبة بالعربية تلعب على المتصفح أونلاين بلاتحميل

$
0
0
لعبة ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ - افضل لعبة بالعربية تلعب على المتصفح أونلاين بلاتحميل

...


ما فجر معركة؟
فجر المعركة هو متعددة يضم ثلاثة أنواع من العوالم الأخرى مع الآلاف من اللاعبين الحقيقيين. هو مبني كليا في اللعبة فلاش . الحرة الميديا ​​اللعبة على التنزيلات .

تبدأ كزعيم للمستعمرة صغيرة، ومن خلال استراتيجية والدبلوماسية والمهارة عليك توسيع القاعدة على مدى العالم بأسره.

تأسيس مستعمرة الخاص، وتوسيع حدودك، وبناء جيش عظيم. سوف يخدعوا مناورة والخروج - أعدائك، وإقامة صداقات طويلة الأمد مع حلفائكم، تلك التي لن نخون كنت بالطبع...

👇للدخول للعبة اضغط على الصورة ادناه👇

تحميل visual studio 2015 offline كامل بروابط مباشرة

$
0
0
تحميل visual studio 2015 offline كامل بروابط مباشرة للتحميل اضغط على اسم النسخة التي تريدها : Visual Studio 2015 Professional Visual Studio 2015 Enterprise Visual Studio 2015 Community Edition (FREE)

تحميل visual studio 2015 offline كامل بروابط مباشرة

كود كلمة الادارة الإحترافي لمنتدى الحاسب والجوال العربي

$
0
0
كود كلمة الادارة الاحترافي لمنتدى الحاسب والجوال العربي الكود: <form method="POST" action="--888BOT-SELF--"> <!--888bot bot="SaveResults" U-File="fp888:///_private/form_results.csv" S-Format="TEXT/CSV" S-Label-Fields="TRUE" --> <fieldset style="width: 1086; height: 84; padding: 2"> <legend align="center"><b><font face="Tahoma" size="2" ...

كود كلمة الادارة الإحترافي لمنتدى الحاسب والجوال العربي

$
0
0
كود كلمة الادارة الاحترافي لمنتدى الحاسب والجوال العربي

الكود:
<form method="POST" action="--888BOT-SELF--">
<!--888bot bot="SaveResults" U-File="fp888:///_private/form_results.csv" S-Format="TEXT/CSV" S-Label-Fields="TRUE" -->
<fieldset style="width: 1086; height: 84; padding: 2">
<legend align="center"><b><font face="Tahoma" size="2" color="#800080"> كلمـــة
الإدارة لمنتدى الحاسب والجوال العربي </font></b></legend>
<p align="center"><b> الأعضاء و الزوار الكرام</b><div align="center">
<table border="1" width="70%" bordercolorlight="#FFFFFF" bordercolordark="#0066FF">
<tr>
<td><b><font color="#0066FF" size="2" face="Tahoma">

<marquee behavior="alternate" direction="right"
bgcolor="#DADADA" scrollamount="5" scrolldelay="60">  يا ‏‏" ‏{USERNAME} " اهلاً وسهلاً بك في اسرة منتدانا منتدى الحاسب والجوال العربي سعيدون بزيارتكم لنا *كما نرحب بلعضو الجديد ‏‏" ‏{FORUMLASTUSERLINK} "
</marquee></font></b></td>
</tr>
</table>
</div>
</fieldset></form>



<p align="center">

بالصور شرح تعريب اي قالب بلوجر بخطوتين ومن غير تحميل ادوات او تعديلات يدوية كثيرة

$
0
0
بالصور شرح تعريب اي قالب بلوجر بخطوتين ومن غير تحميل ادوات او تعديلات يدوية كثيرة السلام عليكم، طاب يومكم حابي اشرح ليكم اليوم طريقة سهلة وبسيطة لتعريب اي قالب بلوجر اجنبي وتحويل النص واتجاه الاضافات من اليمين لليسار، من غير ما تتعب نفسك بتغييرات يدوية كثيرة عن طريق خطوتين نبدأ بسم الله : الخطوة الاولى : سوف نستخدم اداة على GITHUB لتحويل اتجاه الCSS من LTR لي RTL اولا انسخ جميع محتويات القالب وادخل للرابط التالي : https://cssjanus.github.io قم بلصقها في قسم input بالاداة بمجرد لصقها ...

بالصور شرح تعريب اي قالب بلوجر بخطوتين ومن غير تحميل ادوات او تعديلات يدوية كثيرة

$
0
0

بالصور شرح تعريب اي قالب بلوجر بخطوتين ومن غير تحميل ادوات او تعديلات يدوية كثيرة



السلام عليكم، طاب يومكم
حابي اشرح ليكم اليوم طريقة سهلة وبسيطة لتعريب اي قالب بلوجر اجنبي وتحويل النص واتجاه الاضافات من اليمين لليسار، من غير ما تتعب نفسك بتغييرات يدوية كثيرة عن طريق خطوتين نبدأ بسم الله :


الخطوة الاولى

:
سوف نستخدم اداة على GITHUB لتحويل اتجاه الCSS من LTR لي RTL اولا انسخ جميع محتويات القالب وادخل للرابط التالي : https://cssjanus.github.ioقم بلصقها في قسم input بالاداة بمجرد لصقها ستظهر لك معدلة على قسم output انسخها والصقها بملف نصي سميه اي اسم مع الانتباه لجعل لاحقة الملف بصيغة .xml حتى ترفعه للمدونة بعد ما تكمل الخطوة الثانية سميه مثلاً "rtl.xml"

نجي على

الخطوة الثانية

:
هي اسهل من الأولى نبحث في راس الصفحة عن الوسم
الكود:
<html  >
ونضيف ليه الخاصية dir ونعطيها القيمة rtl بهذا الشكل
الكود:
<html dir='rtl' >


وبكدا مبروك عليك 🌹


يمكنك الاطلاع على الموضوع التالي للمزيد من التفاصيل عن الاداة

كيفية إصلاح خطأ "بطاقة الذاكرة SD تالفة ، حاول إعادة تهيئتها"

$
0
0
[th][/th] لإصلاح خطأ بطاقة SD هذا ، يمكنك تنسيقه ولكن ينتهي بك الأمر بفقدان كل المحتوى المخزن فيه. أليس الوضع غير سار؟ لقد فعلت بالضبط ما اقترحته الرسالة لإصلاح المشكلة ، لكن تفاقمت المشكلة. ستساعدك هذه المقالة على الرد على هذا الموقف - "كيفية إصلاح خطأ بطاقة SD التالفة؟" [th][/th] لإصلاح خطأ بطاقة SD هذا ، يمكنك تنسيقه ولكن ينتهي بك الأمر بفقدان كل المحتوى المخزن فيه. أليس الوضع غير سار؟ لقد فعلت بالضبط ما اقترحته الرسالة لإصلاح المشكلة ، لكن تفاقمت المشكلة. ستساعدك هذه المقالة على الرد ...

كيفية إصلاح خطأ "بطاقة الذاكرة SD تالفة ، حاول إعادة تهيئتها"

$
0
0
[th][/th]

لإصلاح خطأ بطاقة SD هذا ، يمكنك تنسيقه ولكن ينتهي بك الأمر بفقدان كل المحتوى المخزن فيه. أليس الوضع غير سار؟ لقد فعلت بالضبط ما اقترحته الرسالة لإصلاح المشكلة ، لكن تفاقمت المشكلة. ستساعدك هذه المقالة على الرد على هذا الموقف - "كيفية إصلاح خطأ بطاقة SD التالفة؟"
[th][/th]

لإصلاح خطأ بطاقة SD هذا ، يمكنك تنسيقه ولكن ينتهي بك الأمر بفقدان كل المحتوى المخزن فيه. أليس الوضع غير سار؟ لقد فعلت بالضبط ما اقترحته الرسالة لإصلاح المشكلة ، لكن تفاقمت المشكلة. ستساعدك هذه المقالة على الرد على هذا الموقف - [size=16]"كيفية إصلاح خطأ بطاقة SD التالفة؟"[/size]

إذا كنت تتلقى هذا الخطأ ، فإن أول شيء يجب عليك فعله هو التوقف عن استخدام بطاقة SD هذه على الفور. في كل مرة تستخدم فيها بطاقة SD الخاصة بك بعد هذا الخطأ ؛ تقل احتمالية استرداد بياناتك من هذه البطاقة بشكل أكبر.
لا تسمح لك بطاقة SD التالفة أو التالفة بالوصول إلى البيانات المخزنة عليها. أحد الأسباب الشائعة لهذا الخطأ هو ؛ إمكانية تغيير تنسيق الملف أثناء نقل البيانات أو أن بطاقة SD الخاصة بك قد طورت بعض القطاعات السيئة. قد يكون هناك احتمال أن تلف تنسيق الملف أو بطاقة الذاكرة أثناء نقل البيانات.

ما هي أسباب تلف بطاقة SD؟


هناك عدة أسباب يمكن أن تتسبب في تلف بطاقة ذاكرة SD أو تلفها. بعض منهم أدناه:

  • الأضرار المادية التي لحقت بطاقة SD

  • نظام ملفات بطاقة SD التالف

  • إخراج بطاقة micro SD من الجهاز أثناء نقل الملفات

  • استخدام نفس بطاقة الذاكرة على أجهزة متعددة

  • إخراج غير صحيح لبطاقة الذاكرة SD

  • بسبب تثبيتات الفيروسات


سواء كانت الكاميرا أو الهاتف الذكي الخاص بك ، هناك مواقف قد تفسد بطاقة SD وتؤدي إلى فقدان البيانات. لمنع ذلك ، تأكد من أنك قمت بعمل نسخة احتياطية من جميع البيانات المخزنة على بطاقة الذاكرة SD بحيث يمكنك بسرعة استعادة ملفات بطاقة SD المحذوفة من النسخة الاحتياطية.
ل [size=16]إصلاح / تنسيق بطاقة SD التالفة اتبع الخطوات الواردة أدناه:[/size]
[list="box-sizing: border-box; margin: 1.5em 0px 1.571em 1.9em; padding-right: 0px; padding-left: 0px; border: 0px; font-variant-numeric: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-stretch: inherit; font-size: 16px; line-height: inherit; font-family: Montserrat; vertical-align: baseline; list-style-position: initial; list-style-image: initial; color: rgb(51, 51, 51); text-align: start; background-color: rgb(255, 255, 255);"]
[*]قم بإيقاف تشغيل جهازك (الكاميرا أو الهاتف الذكي)

[*]قم بإزالة بطاقة SD

[*]أدخل بطاقة SD مرة أخرى في جهازك (الكاميرا أو الهاتف الذكي.)

[/list]
إذا نجح ذلك ، فقم بنسخ جميع البيانات المخزنة على بطاقة micro SD احتياطيًا ثم قم بتهيئتها.

كيفية إصلاح بطاقة SD التالفة واستعادة البيانات من بطاقة SD؟


إذا كانت بطاقة الذاكرة لا تزال غير قابلة للقراءة ، فاعرف كيفية إصلاح بطاقة SD التالفة:
[size=16]1: قم بتوصيل بطاقة SD بجهاز الكمبيوتر الخاص بك[/size]
قم بتوصيل بطاقة micro SD المتأثرة بجهاز الكمبيوتر الخاص بك وتحقق مما إذا كانت المشكلة قائمة أم لا. في بعض الأحيان توجد مشكلات توافق قد تمنع الجهاز من التعرف على بطاقة SD. يمكنك توصيل بطاقة SD بجهاز الكمبيوتر الخاص بك من خلال قارئ بطاقة. يمكنك أيضًا ربط بطاقة SD التالفة بكاميرا / هاتف ذكي آخر للتحقق من المشكلة.
[size=16]2: إصلاح بطاقة SD التالفة باستخدام موجه الأوامر[/size]

  • قم بتوصيل بطاقة SD التالفة بجهاز الكمبيوتر الخاص بك

  • انتقل إلى "جهاز الكمبيوتر / هذا الكمبيوتر".

  • ضمن قسم "الأجهزة ومحركات الأقراص" ، حدد موقع بطاقة SD ولاحظ حرف محرك الأقراص الخاص بها.

  • الآن قم بتشغيل موجه الأوامر واكتب "chkdsk h: / r" ، حيث "h" هو حرف محرك الأقراص.



[size=16]يوضح الشكل 1.2 الأمر chkdsk[/size]

يقوم [size=16]الأمر chkdsk  بفحص بطاقة SD التالفة والتحقق من المشكلات وإصلاح بطاقة micro SD التالفة. بعد الانتهاء من عملية المسح ، قم بتوصيل بطاقة الذاكرة لمعرفة ما إذا كانت  "بطاقة SD تالفة". حاول إعادة تنسيقها "لقد تم حل المشكلة أم لا.[/size]
[size=16]3: تعيين حرف محرك أقراص جديد[/size]

  • افتح إدارة الأقراص

  • ابحث عن بطاقة SD

  • انقر بزر الماوس الأيمن فوق بطاقة SD

  • حدد "تغيير حرف محرك الأقراص والمسارات"

  • بعد تطبيق التغييرات ، أعد تشغيل النظام وقم بتوصيل بطاقة SD مرة أخرى



[size=16]يوضح الشكل 1.3 نافذة إدارة الأقراص[/size]

[size=16]4: تعطيل بطاقة SD[/size]

  • بعد توصيل بطاقة الذاكرة الفاسدة بجهاز الكمبيوتر الخاص بك

  • انتقل إلى "إدارة الأجهزة"

  • انقر بزر الماوس الأيمن على بطاقة SD وحدد "تعطيل".

  • انتظر بضع دقائق ثم انقر على "تمكين".

  • لكي تدخل التغييرات حيز التنفيذ ، قد تضطر إلى إعادة تشغيل جهاز الكمبيوتر الخاص بك



[size=16]يوضح الشكل 1.4 كيفية تعطيل بطاقة الذاكرة[/size]

[size=16]5: استخدم برنامج استعادة البيانات لاستعادة بطاقة SD[/size]
[size=16]لاستعادة الملفات بكفاءة من بطاقة SD غير التالفة ، يمكنك استخدام  برنامج استعادة الصور .[/size]

ومع ذلك ، يمكنك استخدام البرنامج إذا كان من الممكن الوصول إلى بطاقة الذاكرة SD. ولن يعمل البرنامج في حالة حدوث تلف مادي لبطاقة SD.

تحميل Visual Studio 2008 كامل ومفعل + شرح طريقة التنصيب

$
0
0
You should register to see download icon for visual studio 2008 اضغط هنا للتحميل الموجود بداخل البرنامج: Visual C# 2008 Visual C++ 2008 Visual Basic 2008 Visual Web Developer 2008 بلأضافة: Microsoft .Net Framework 3.5 Microsoft Crystal Report Basic For Visual Studio 2008 Microsoft SQL Server 2005 Express Edition   وهو كامل ولا يحتاج سيريال نمبر . مساحة البرنامج 1.28 جيجا بايت طريقة التنصيب : فك ضغط البرنامج باحدي برامج الضغط ...

تحميل Visual Studio 2008 كامل ومفعل + شرح طريقة التنصيب

$
0
0


You should register to see download icon for visual studio 2008



اضغط هنا للتحميل



الموجود بداخل البرنامج:
Visual C# 2008
Visual C++ 2008
Visual Basic 2008
Visual Web Developer 2008

بلأضافة:
Microsoft .Net Framework 3.5
Microsoft Crystal Report Basic For Visual Studio 2008
Microsoft SQL Server 2005 Express Edition

 

وهو كامل ولا يحتاج سيريال نمبر . مساحة البرنامج 1.28 جيجا بايت













طريقة التنصيب :

فك ضغط البرنامج باحدي برامج الضغط العادية مثل الوينرار winrar

ثم علي ملف اسمه سيت اب setup

اضغط عليه مرتين حتي يظهر لك الشاشة الاتية وهي تخبرك ماذا تريد ..طبعا اختر تنصيب برنامج الفيجوال ستوديو اول اختيار



 

الان يتم الاعداد للتنصيب ..يأخذ ثواني فقط



شاشة مرحبا المعتادة ..اضغط التالي



الان اضغط علي موافق علي اتفاقية الاستخدام فقط ..واضغط التالي



الان وهي اهم شاشة ..يقول لك هل تريد تنصيب البرنامج بشكل

افتراضي Default  وسوف ينصب لك كامل الفيجوال ستوديو بكل بشكل افتراضي وعادي

او بشكل كامل Full  مثل السابقة

او تحدد انت الاختيارات بنفسك Custom

اذا اخترت الاختيار الثالث

.تستطيع هنا مثلا عدم اختيار السيكوال سيرفر الذي يأتي افتراضي مع الفيجوال ستوديو ..لانك سوف تنصبه من البرنامج الخاص به

- ايضا اذا كانت موصافات الكمبيوتر بسيطة يمكنك تقليل الحجم من هنا ..مثلا احذف الاختيارات التي لا تريدها مثل

vb.net - C++ - Java

وهي لن تدرسها ..لان هذه لغات اخري لشركة مايكروسوفت

وتستطيع ايضا هنا اختيار اول اختيار وهو الافتراضي اذا كنت في بداية استخدامك للبرنامج



الان يتم تنصيب برنامج الفيجوال ستوديو علي جهاز الكمبيوتر لديك وفق ما حددته من اختيارات

والتنصيب يأخذ عدة دقائق قد تصل الي عشر دقائق حسب مواصفات الكمبيوتر لديك . ما تفعله الان الانتظار فقط





الان وصلنا للنهاية .مبروك تم التنصيب بنجاح ..اضغط انتهاء الان




 


بعد اكتمال التنصيب ..يمكنك الان فتح برنامج الفيجوال ستوديو من قائمة البرامج لديك


Start -->All programs -->>Microsoft visual studio


وسوف يفتح البرنامج .


ملاحظة .اذا كانت هذه اول مرة يتم فيها فتح الفيجوال ستوديو .فسوف تظهر شاشة الاعدادات كما في الاسفل لمرة واحدة فقط


تخبرك بماذا تريد ان يبدأ البرنامج عنذ فتحه ..اختر خيار الويب


web development settings


ثم اضغط بدأ الفيجوال ستوديو




 الان تم فتح الفيجوال ستوديو كما في الصور


[كتاب] اتقان صيانة الحاسوب من البداية وحتى الاحتراف - الجزء الثاني

$
0
0
[كتاب] اتقان صيانة الحاسوب من البداية وحتى الاحتراف - الجزء الثاني اقدم لكم الجزء الثاني من هذا الكتاب مبني على منهج A+‎ ‎‏software يتكون من سبعة عشر وحدة تحوي شرح مفصل بالصور +روابط فيديو عن السوفت وير وهي : ¤‏ الوحدة الاولى : مقدمة عن انظمة التشغيل ¤‏ الوحدة 2 : نظام المدخلات والمخرجات الاساسي "البايوس" BIOS ‎‏ ‏ ¤‏ الوحدة 3 : كيفية فرمطة وتنزيل ويندوز XP & 7 & 8.1 ¤‏ الوحدة 4 : شرح اهم البرامج الضرورية بعد ...

[كتاب] اتقان صيانة الحاسوب من البداية وحتى الاحتراف - الجزء الثاني

$
0
0

[كتاب] اتقان صيانة الحاسوب من البداية وحتى الاحتراف - الجزء الثاني

اقدم لكم الجزء الثاني من هذا الكتاب مبني على منهج A+‎ ‎‏software

يتكون من سبعة عشر وحدة تحوي شرح مفصل بالصور +روابط فيديو عن السوفت وير وهي :

¤‏ الوحدة الاولى :
مقدمة عن انظمة التشغيل

¤‏ الوحدة 2 :
نظام المدخلات والمخرجات الاساسي "البايوس" BIOS ‎‏ ‏

¤‏ الوحدة 3 :
كيفية فرمطة وتنزيل ويندوز XP & 7 & 8.1

¤‏ الوحدة 4 :
شرح اهم البرامج الضرورية بعد تنزيل الويندوز

¤‏ الوحدة 5 :
فيروسات الحاسوب وكيفية صناعتها وافضل برامج الحماية

¤‏ الوحدة 6 :
اوامر Ms Dos

¤‏ الوحدة 7 :
شرح الريجيستري شرح اهم مكوناته واعطاله وكيفية صيانتة

¤‏ الوحدة 8 :
نظام الصلاحيات Group Policy

¤‏ الوحدة 9 :
شرح عن الهيرتس Hirens boot Cd‏ وإصداراته والفرق بينها

¤‏ الوحدة 10 :
تقسيم الهارديسك

¤‏ الوحدة 11 :
كيفية كسر باسويرد الويندوز

¤‏ الوحدة 12 :
شرح عمل نسخ إحتياطي للويندوز Ghost

¤‏ الوحدة 13 :
صوانة اعطاب الهارديسك مثل Badsector

¤‏ الوحدة 14 :
إستعادة الملفات والاقراص المفقهدة

¤‏ الوحدة 15 :
اصلاح الفلاشات والذواكر التالفة

¤‏ الوحدة 16 :
التخلص من الملفات الخبيثة

¤‏ الوحدة 17 والاخيرة :
شرح برامج فحص اجزاء الحاسوب

‏_‏__
الكتاب من إعداد وتقديم :


م. اسماعيل الشاهلي


Browsing latest articles
View live




Latest Images

Vimeo 10.7.0 by Vimeo.com, Inc.

Vimeo 10.7.0 by Vimeo.com, Inc.

HANGAD

HANGAD

MAKAKAALAM

MAKAKAALAM

Doodle Jump 3.11.30 by Lima Sky LLC

Doodle Jump 3.11.30 by Lima Sky LLC

Doodle Jump 3.11.30 by Lima Sky LLC

Doodle Jump 3.11.30 by Lima Sky LLC

Vimeo 10.6.1 by Vimeo.com, Inc.

Vimeo 10.6.1 by Vimeo.com, Inc.